لم يشغل تدبير حكم الرعية عددا من السلاطين حمل القلم لتأليف كتب في السياسة والدين والإيديولوجيا المؤسسة لحكمهم، كما نظم بعضهم شعرا.
ليس من عادة السلطان في التاريخ المغربي أن ينبري لتأليف الكتب والرسائل، أو الإبداع في أحد الفنون من أدب أو شعر، فليس ذلك من مهماته ولا انشغالاته، ولا يهيأ أصلا ليكون مؤلفا رغم تكوينه المعرفي والديني، فله في حاشيته عدد من المؤلفين والكتاب الذين يدونون له ما أراد، سواء تعلق الأمر بالخطب السلطانية، أو صياغة ما يحتاجه من رسائل وكتابات، ولكن هذا لم يمنع من أن بعض السلاطين المغاربة كتبوا في أبواب مختلفة، وفنون متنوعة، من كتب العقائد والإيديولوجيا المؤسسة للدولة، إلى الخوض في القضايا الفقهية المختلف عليها، دون إغفال ما أبدعه بعضهم من قصائد شعرية أو نصوص نثرية. فما السر في غلبة الطابع الديني والفقهي على الإنتاج السلطاني؟ ولم لم يصلنا من هذه الكتب إلا القليل والنادر؟ وما هي أبرز الكتب التي ألفها السلاطين المغاربة؟ وما هي أهم إبداعاتهم في مختلف أصناف الفن والأدب؟
رغم أن أغلب سلاطين المغرب لم يتركوا للمكتبة عناوين كثيرة، ولا كان من عادتهم التأليف، إلا أنهم وإن لم يكتبوا الرسائل والمصنفات، فلا يعني ذلك عدم عنايتهم بالعلم والمعارف، وإنما لعدم التخصص والتفرغ، وكانوا بدل ذلك يستكتبون أهل الشأن للكتابة فيما يحتاجونه من تأريخ أو تأصيل وتنظير. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، ابن أبي زرع الذي كتب مؤلفه المشهور “الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب تاريخ مدينة فاس“، بطلب من السلطة المرينية الباحثة عن الشرعية، والتي حاولت التماسها من خلال العديد من القنوات ومنها تعظيم الأشراف عموما والأدارسة خصوصا، فلذلك جمع أخبارهم واستقصاها، وأبدى تعاطفا وميلا لهم على خلاف الدول الأخرى التي جاء على ذكرها.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 115 من مجلتكم «زمان»