هيمن عبيد البخاري، بعد وفاة السلطان المولى إسماعيل، على المجالين العسكري والسياسي، طيلة ثلاثين سنة، ووصلوا إلى حد تنصيب وعزل السلاطين.
عمل السلطان مولاي إسماعيل، طيلة ثلث قرن، على جمع الآلاف من السود لتكوين جيش قوي. كانت الفكرة ذكية ولا إنسانية في نفس الوقت .ذكية لأن الجيوش القبلية، المهيمنة في تلك الفترة، كانت تدين بالولاء لجهتين، للقبيلة أولا، فيما تجعل ولاءها للدولة في المرتبة الثانية. ولا إنسانية، لأن تجميع أولئك الرجال المساكين في مخيمات ضد إرادتهم بذنب وحيد يكمن في كون لون بشرتهم أكثر سمرة من لون سكان البلاد. عارض بعض العلماء “الشجعان“، بصرامة، الفكرة، غير أن مصيرهم كان القتل، كان من بينهم عبد السلام كسوس، كبير فقهاء القرويين، الذي خنقه رجال المخزن الإسماعيلي بعدما عرضوه للتشهير علنا وللتعذيب بشكل فظيع.
عبيد الدولة
استفاد جيش السود، الذي كان يطلق عليه “عبيد البخاري“ من تأطير غير مسبوق، وأبان عن كفاءة عالية على المستوى العسكري والتنظيمي، كما أن ولاءه للدولة الإسماعيلية لم يكن أبدا محل تشكيك. ويبدو أن السلطان القوي، آنذاك، استلهم النموذج العثماني الذي وظف ما سمي بـ“الانكشارية“. ويمكن القول إن ذلك الجيش كان أحد أقوى الجيوش في تاريخ المغرب، بل كان يمكنه الوقوف في وجه الجيش التركي، الذي كان في تلك الفترة من الجيوش الأكثر رعبا في العالم. تجاوز عدد الجيش الأسود 200 ألف فرد، ويشمل هذا العدد أطفال ونساء الجنود، وكانوا يعيشون معا في مخيمات تشبه، أحيانا، أحياء عسكرية، كان أهمها مشرع الرملة الواقع غير بعيد عن سيدي يحيى الغرب.
المعطي منجب
تتمة المقال تجدونها في العدد 41 من مجلتكم «زمان»