مثل الجنرال أحمد الدليمي شخصية جدلية في التاريخ المغربي بصمت مغرب ما بعد الاستقلال. كانت نهايته، سنة 1983، بموت غامض أسال الكثير من المداد وخلف وراءه الكثير من الروايات المتضاربة حول الأسباب الحقيقية لوفاته التي ما تزال “طابوها” إلى يومنا هذا. “يقال إن”، ” يعتقد أن”، “روى فلان عن فلان”… هكذا، تناسلت الحكايات والقصص عن موت الجنرال أساسا، وكذلك عن طموحاته السياسية وتعطشه للسلطة. تسلق أحمد الدليمي المراتب بسرعة خيالية، ليصبح واحدا من أبرز رجالات الحسن الثاني. فقد جمع بين أكثر من منصب في الآن نفسه، وارتبط اسمه بقمع المعارضين السياسيين خلال سنوات الرصاص، ونقلت روايات كثير من الشهود، الذين غادروا سجون النظام أحياء، أنه أشرف بنفسه على كثير من عمليات التعذيب.
وأحمد الدليمي ابن شخصية أخرى كان لها وزنها في المشهد السياسي المغربي في سيدي قاسم، وهو الحاج لحسن الدليمي الإطار في وزارة الداخلية، والرئيس المثير للجدل لفريق كرة القدم في المدينة الذي كان له شأن كبير خلال حياة الجنرال ووالده الذي ولج عالم السياسة ليجمع بين مناصب عديدة.في هذا الحوار الحصري، الذي خص به مجلة “زمان”، يقدم فريد الدليمي أحد أشقاء الجنرال الراحل روايته الذاتية لعدد من الأحداث التي بصمت المسار المهني لمهندس حرب الصحراء، يتحدث عما يعرفه عن وفاته، وخلافاته مع بعض رموز النظام. كما يحكي عن مسار والده السياسي وفي عالم التسيير الرياضي، وصولا إلى مرحلة نهاية “سطوة” آل الدليمي وانسحابهم من الحياة العامة.
بإعطائنا الكلمة اليوم لفريد الدليمي، شقيق الجنرال، تعي مجلة “زمان” محدودية وتعقيدات هذا التمرين، فلا يتعلق الأمر هنا بالحقيقة المطلقة -فمن يعرف هذه الحقيقة حقا ؟-، وإنما غرضنا هو المساهمة في فتح النقاش حول تاريخنا، في انتظار أن يدلي فاعلون وشهود آخرون مباشرون أو غير مباشرين بدلوهم كذلك عن هذه الأحداث التي كان الجنرال الراحل طرفا فيها.
فمن دون شك، ما تزال هناك الكثير من الأشياء والمناطق الرمادية لتقال عن موت أحمد الدليمي، ودوره الحقيقي في تدبير اختطاف المعارض المهدي بن بركة، عن مهماته الداخلية والخارجية، عن علاقاته الحقيقية أو المفترضة بالنظام الجزائري… ستبقى كثير من الأسئلة مطروحة بل معلقة في انتظار شهادات جديدة.
ما هي جذور قبيلتكم وكيف وصلتم من الصحراء إلى سيدي قاسم؟
تعود جذور أولاد دليم الأولى إلى العراق واليمن، وهم رحالة ومحاربون كانوا يصلون في ترحالهم حتى الأراضي المغربية مرورا عبر الصحراء الليبية. كان استقرارهم أولا في وادي الذهب، قبل أن ينتقل جزء من أولاد دليم إلى مراكش.
في عهد مولاي الحسن الأول، أصبحت عناصر من القبيلة تمثل ما يعرف بـ”الكيش” فتم توطينهم في سيدي قاسم وتحديدا في زكوطة، التي كانت محطة لعبور الملوك المغاربة أثناء تنقلهم بين المدن، وكانوا يمنحون أراض زراعية مقابلا لخدماتهم. وهكذا أصبح أولاد دليم مكونا من قبائل الشراردة إلى جانب قبائل أخرى هي: الشبانات، زيرارة والثكنة.
لنتحدث الآن عن والدك الحاج لحسن؟
قبل الوصول إلى والدي لابد أن أشير إلى جدي الآغا القائد المختار الذي كان قائد الرحى بسيدي قاسم و بزكوطة، وقد ظل في هذا المنصب حتى أوائل العشرينات، وتوفي قبيل الاستقلال بثلاث سنوات.
أما والدي فقد ولد سنة 1912 في مدينة الرباط، وقضى الدراسة الإعدادية في كوليج مولاي يوسف الذي حصل منه على شهادة دروس الثانوية الإسلامية سنة 1930، ليلج بعدها مصلحة الترجمة في سيدي قاسم التي استمر فيها إلى غاية سنة 1936، وخلالها تعلم الفرنسية بنفسه، أي أنه كون نفسه بنفسه قبل أن يصبح ترجمانا ليبدأ مساره المهني الرسمي ابتداء من شهر مارس 1937.
حاوه عماد ستيتو
تتمة الحوار تجدونها في العدد 66 من مجلتكم «زمان»