خرجت شهادات كثير من قدماء المحتجزين في تندوف وأسرى الحرب، إلى الوجود، وهي شهادات تُوثّق للجحيم الذي تعرّضوا له، في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية والأعراف العالمية، ولأدنى الاعتبارات الإنسانية.
يشكل كتاب “العائدون من جحيم تندوف“ حالة خاصة، لأن صاحب الشهادة محمد فيلالي، قضى نحبه، ولم يتح له أن يدلي بشهادته كتابة، التي نقلها عنه ابنه التهامي. اعتبرته الإدارة المغربية في عداد الموتى، ونعته إلى أسرته، لكي تفاجأ بعودته سنة 2000 بعد 24 سنة من الأسْر في ظروف لا إنسانية حاطّة بكرامة الإنسان. وهل يكون في منأى من الهوان، من عرّض إنسانا للهوان؟ لم يتح للمرحوم محمد فيلالي أن يكتب عن مأساته، وباح بها لابنه، التهامي الذي نقلها عنه ..اخترنا بعض المقاطع المعبرة، أثناء المواجهة في سمارة، وحين أسِر، وحلقات الاستنطاق والأشغال الشاقة، وسَكرات الجوع، ومحاولة الفرار، إلى أن تدخل الصليب الأحمر، في إطار مخطط التسوية للحد من مأساة. ولكنها مأساة تحمل ندوبا، وتحمل مسؤولية من اقترف جرائم ضد الإنسانية. الجرائم لا تتقادم.
كل اختيار لمقاطع لهذه الشهادة جزافي، ولا يُغني عن الوقوف عليها بحذافيرها. قمنا باختيار مقاطع، وإعادة صياغة أخرى، دون أن نمس بالسدى العام. هي شهادة تستحق أن نستمع إليها، ويتوجب على كل من يُعنى بقضايا حقوق الإنسان أن يُسجلها، ويعمل من أجل إحقاق الحق، كي لا تضيع آهات من تعذبوا سدى. كل شهادة هي أمانة، ونضطلع بواجبنا في نقلها.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 124 من مجلتكم «زمان»