هل تأثر المغرب بحدث الثورة الفرنسية فكريا وثقافيا؟ متى بدأ هذا التأثر وكيف حصل؟ وكيف تعامل المغرب الرسمي سياسيا ودبلوماسيا مع الحكام الجدد لفرنسا؟ “زمان” تعيد تركيب هذه الحكاية.
مثلت الثورة الفرنسية حدثا مرجعيا ومؤسسا في التاريخ الحديث، وبكل تأكيد فإن ما قبل الثورة الفرنسية ليس هو ما بعدها. فمخرجات ونتائج هذا الحدث البارز، الذي عرفته فرنسا في القرن الثامن عشر، لم تبق رهينة التراب الفرنسي بل طالت تأثيراتها كل أوربا، وانتشرت أفكارها بعد ذلك خارج الإطار الأوربي، ووصلت أصداؤها الإيجابية إلى العالم الإسلامي والعربي في مراحل لاحقة، وسيظهر ذلك في كتابات عدد من المفكرين والمثقفين العرب في فترات زمنية مختلفة.
إن حدثا كونيا بقيمة الثورة الفرنسية وما أحدثته من تحولات عميقة على المستويات الاجتماعية والسياسية والفكرية لا يمكن أن تغفل أخباره عن مغرب ذلك الزمان. فكيف كانت علاقة المغرب بالظاهرة الثورية الفرنسية التي بدأت سنة 1789؟ وكيف أخذ المغاربة علما بأخبار هذا الحدث البارز؟ وما هو الموقف الرسمي المغربي؟ وهل اختلف قبل وبعد بداية السياسة التوسعية لنابوليون؟ وهل تسربت الأفكار الثورية الفرنسية إلى المغرب؟
حينما اندلعت الثورة الفرنسية سنة 1789، كان سيدي محمد بن عبد لله يدشن سنته الأخيرة في حكم المغرب. تزامن هذا الحدث مع سفارة القائد محمد الزوين الذي أرسله السلطان إلى فرنسا والدولة العثمانية وإسبانيا وإيطاليا. وقد عاد محمد الزوين إلى المغرب في يوليوز، أي ثلاثة أشهر بعد وفاة السلطان سيدي محمد بن عبد لله. ويفترض المؤرخ عبد الحفيظ حمان، الذي خصص أطروحة عن للموضوع، أن الزوين قد اطلع مبدئيا على هذا الحدث وعايشه، وبالتالي نقل أصداءه إلى السلطة المركزية في المغرب مبكرا.
إذن، من المؤكد أن السلطة في المغرب أخذت علما بهذا التغير السياسي الثوري في فرنسا، لكن لا تجزم المصادر التاريخية المتوفرة بأن السلطة في المغرب قد استوعبت على وجه الدقة أهمية هذا التحول وما يعنيه، وإذا ما كانت للنظام قراءة سياسية للثورة الفرنسية التي أطاحت بنظام ملكي وراثي بطريقة دموية.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 62 من مجلتكم «زمان»