اضطر المجتمع المغربي، في العصر الوسيط وخاصة بعد وفاة المنصور الذهبي، إلى سن عقوبات لمحاربة اللصوصية ووضع حد للفوضى. الفقهاء والأولياء أدلوا، أيضا، بدلوهم.
يصطدم موضوع العقوبات في تاريخ المغرب بتداخل الشرعي بالعرفي، وتنافر التاريخ–المتغير مع الأحكام الفقهية الثابتة أو شبه الثابتة، وتقاطع السلطوي بالمجتمعي. ويزداد الأمر صعوبة عندما يتحول هذا الموضوع من عامٍّ إلى مجهري مرتبط بالعقوبات العرفية التي سلطت على اللصوص والسراق وقطاع الطرق في المجال القروي أواخر العصر الوسيط وبداية الحديث، بالنظر إلى قلة المادة المصدرية الكفيلة بالكشف عن بعض حيثيات «العقل التأديبي» للحقبة المدروسة. لا تؤهل النصوص القليلة المستخلصة من مختلف الأجناس المصدرية الباحث من كتابة تاريخ متماسك عن ظاهرة اللصوصية في تطورها الزماني والمكاني، والإحاطة بمختلف جوانبها. وما توفَّرَ منها، سمح بتقسيم عقوبات اللصوصية في المغرب الأقصى خلال العصر الوسيط وبداية الحديث إلى أقسام ثلاثة: عقوبات السلطة، أو ما يمكن أن نطلق عليه العقوبات الشرعية مع نوع من التحفظ، وعقوبات المجتمع التي يمكن نعتها بالعقوبات العرفية، وإن كان بعضها ينهل من الشرع، ثم عقوبات متخيلة «فرضها» الأولياء على اللصوص عبر مجموعة من الكرامات. وسيتم التركيز خاصة على العقوبات العرفية بما فيها المتخيلة في المجال القروي.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 13 من مجلتكم «زمان»