عرف المغرب، قبل مجيء الإسلام، دورات من الجفاف أجبرت الكثير على الهجرة، وتسببت في صراعات ضارية بين القبائل، فيما لجأ البعض إلى طقوس للاستمطار.
عرف المغرب أدوارا من الجفاف عبر تاريخه المديد، إلا أن معلوماتنا عن هذه الظاهرة الطبيعية تقل كلما توغلنا في الزمن، حيث نجد أنفسنا قبل الفترة الإسلامية أمام شح كبير للمعلومات المتوفرة عنها في المصادر القديمة. أما الدراسات الحديثة التي اهتمت بها، فلا تتعدى بدورها رؤوس الأصابع، ولا نجد بها إلا إشارات عامة تتطرق للمناخ بشمال إفريقيا وقساوته، وتجمع بين الجفاف وقلة التساقطات أو تأخرها وعدم انتظامها، وتأثير ذلك على المزروعات والأشجار والماشية والإنسان. رغم ذلك، فإن القليل مما وصلنا عن الجفاف بالمغرب القديم من معطيات في المصادر الأدبية والأثرية، يؤكد تعرض المغرب لموجات من القحط كان لها وقع وخيم على الساكنة، اضطرها إلى اللجوء، أمام احتباس المطر، إلى الآلهة والأرواح طلبا للغيث، عبر طقوس خاصة بالاستسقاء.
ما ورد في الكتابات القديمة عن الجفاف ببلاد المغارب قليل وعام، وحظ المغرب منه ضئيل. ويعتبر نص وارد لدى أرنوبيوس أقدم نص نصادفه يشير إلى احتباس المطر بالمغرب، حيث تطرق هذا الكاتب إلى جفاف ضرب في نهاية القرن الثالث الميلادي “أراضي الـﯕيتول وماوريطانيا التنـﯕية”، واستثنى نوميديا وموريطانيا القيصرية. لكن هذا النص لا يمدنا بتفاصيل عن آثار هذا الجفاف على قبائل ومدن المغرب خلال هذه الفترة، وكيفية مواجهة سلطات الاحتلال الرومانية لذلك. وهنا، لا نستبعد أن تكون أراضي الـﯕيتول المقصودة من قبل أرنوبيوس هي الأراضي الموجودة جنوب الإقليم، أي جنوب مجال سلا ووليلي.
عبد العزيز أگرير
تتمة الملف تجدونها في العدد 31 من مجلتكم «زمان»