بين فترة السبعينات والتسعينات، كانت السلطات المغربية تتخوف من البحث الجامعي وتضيّق عليه. في حوار سابق، يتذكر عالم الاجتماع المغربي إدريس بنسعيد هذه الأوقات العصيبة والتضييق الذي تعرضوا له من طرف “المخزن”…
هل كنتم أثناء عملكم الميداني تتعرضون للتضييق، بالرغم من أنكم أساتذة جامعيين؟
بالفعل كان عملنا يقلق الدولة. وأذكر هنا أن البحث السوسيولوجي كان خاضعا لترخيص من قسم الشؤون العامة بوزارة الداخلية. وهذا الترخيص لا يمنح إلا عندما يمر على العمالات والولايات والقيادات، وصولا إلى الشيوخ و”المقدمين”. وأذكر أنه في بعض بحوثنا كنا نستغرق في الكتابة بضعة شهور، لكن الحصول على الترخيص كان يستغرق أكثر من سنة. بالفعل كانت مقاومة مضادة وقوية، وهي مقاومة عن وعي من طرف السلطة.
أيّ المواضيع بالتحديد كانت تتخوف منها السلطة وتعتبر خطا أحمرا؟
في العموم، كان كل خروج للباحث من أسوار الجامعة إلى الشارع العمومي يعتبر إزعاجا للسلطة. وكما يعلم الجميع فإن المحاضرات العلمية كانت تخضع كذلك للمراقبة ويحضرها رجال الأمن. وأذكر هنا على سبيل المثال، أن أحد أبحاثنا كان سيشارك فيه باحثون من إسبانيا في مناطق تكثر فيها زراعة “الكيف”، لكن السلطات المغربية اشترطت ألا يلتقي هؤلاء الأجانب بالسكان المحليين، فما كان من الباحثين إلا عادوا أدراجهم.