حتى لو قرر المغرب، لأسباب تتعلق بظروف الأمن الصحي، تأجيل احتفالات عيد العرش، فإن هذا التاريخ يظل موعدًا مهما في حياة المملكة. هذا العيد على وجه التحديد، بشكل أو بآخر، كان دائما علامة دالة على عصره على مر الأزمنة.
إذا كان حفل عيد العرش، الذي نعرفه اليوم يعود إلى ثلاثينات القرن الماضي، إلا أن سلطة إضفاء الشرعية على طقوسه تعود إلى عدة قرون. لقد تغيرت الجهات الفاعلة والبروتوكول، ولكن جوهر الحدث بقي كما هو. فقبل فترة الحماية، على سبيل المثال، لم يكن أحد في المغرب يعرف مفهوم عيد العرش أو جوهره. لكن في المقابل، كانت كلمة “البيعة” ومدلولها معروفين لدى الجميع. حتى إنها تقع في قلب الآلية السياسية والدينية لـ”الإمبراطورية الشريفة”. في الواقع، تمثل البيعة في التاريخ جوهر العلاقة بين السلطان ورعاياه. إنها معاهدة بين الحاكم والمحكوم. يبرم هذا العقد اتفاقا مبدئيا يتم بموجبه الاعتراف بالسيادة للحاكم كزعيم سياسي وديني. وفي أوقات السلم، والأكثر من ذلك في أوقات الحرب أو الاضطرابات السياسية والدينية، كانت لها أهمية استراتيجية في إعادة تأكيد هذا الترابط الأساسي الذي يضمن استقرارا معينا.
إلهام ديني مباشر
في أصل البيعة، ورد في القرآن: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم». ومنذ فجر التاريخ الاسلامي، كان الخلفاء يعتبرون قادة سياسيين ودينيين في نفس الآن. هذا هو الحال أيضا مع المغرب، من خلال وصوب الأدارسة إلى السلطة في نهاية القرن الثامن.
تعود آثار البيعة الأولى في المغرب، على وجه الخصوص، إلى العصر الموحدي (1121-1269). وبالتالي، فإن الأمر يتعلق أولا بالاعتراف بالسلطة السياسية والدينية للسيادة، ولكن أيضا للاتفاقية التي تلزم الحاكم ولكن المحكومين أيضا. ومع ذلك، وصلنا القليل من وصف طقوس الحفل في ذلك الوقت. في وقت لاحق، في أيام السعديين والعلويين بشكل رئيسي، أصبح تدوين بروتوكول الولاء أكثر وضوحا. من طقوس مستوحاة من التقاليد العثمانية، القوة الإسلامية الأكثر نفوذا آنذاك حول البحر الأبيض المتوسط.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 82 من مجلتكم «زمان»