بدأ تقديس كتاب البخاري في المغرب مع بني مرين والوطاسيين، قبل أن يتحول إلى طقس سلطاني وشعار للملك زمن السعديين والعلويين. الآن، تطاله بعض الانتقادات.
مع اعتناق المغاربة للمذهب المالكي، واعتباره الاختيار الرسمي للدولة على مستوى الفقه منذ عصر الأدارسة، كان من الطبيعي أن يكون موطأ مالك بن أنس المرجع الحديثي الأول، وهو ما جعله فعلا محل عناية من المغاربة، حفظا ورواية وشرحا وتعليقا ودرسا وتدريسا، دون أي منافسة إلى حدود النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، حيث عرف المغرب دخول مصنفات حديثية أخرى، كسنن أبي داود والنسائي.
إلا أن دخول كتاب البخاري في الحديث منتصف القرن الرابع الهجري، وعناية السلاطين به، واحتفاء الفقهاء والمحدثين بروايته وحفظه ونشر متونه، جعل له مكانة عليا بين كتب الحديث، لدرجة التعظيم والتقديس، خصوصا مع التوظيف السياسي لهذه المكانة، واستغلالها من بعض الدول التي حكمت المغرب لدعم الاستقرار والبحث عن الشرعية.
فمتى وكيف دخل مصنف محمد بن إسماعيل إلى المغرب؟ وكيف اعتنت به مختلف الدول التي حكمت المغاربة؟ وكيف تم توظيف الكتاب لأغراض ومقاصد سياسية؟ ولماذا أطلق المولى إسماعيل العلوي على جزء من جيشه “عبيد البخاري“؟ وما هي مظاهر احتفاء المغاربة بكتاب “الجامع الصحيح“؟
كان دخول موطأ مالك للمغرب مبكرا، إذ يذكر عدد من المؤرخين وصوله على عهد المولى إدريس الأول، على يد القاضي عامر بن محمد القيسي، وكان قد لقي مالك بن أنس وسفيان الثوري وروى عنهما مؤلفاتهما، ثم قدم بهما إلى المغرب.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 98 من مجلتكم «زمان»