لم يجد البرتغاليون أي مقاومة تذكر لاحتلال أسفي، وعاثوا فيها فسادا وخرابا، بل حولوا بعض مساجدها إلى كنائس .إحداها ما تزال شاهدة على ذاك العصر.
عندما احتل البرتغاليون سبتة، في سنة 1415م، حصلوا من الكرسي الرسولي على تفويض لإنشاء أسقفية فيها .لقد شكل الاستيلاء على أصيلا وطنجة من قبل “ألفونسو الخامس” “Alphonse V” سنة 1471م، مرحلة جديدة في الاستقرار البرتغالي على السواحل المغربية التي احتلوها، حيث انعكس ذلك بشكل كبير على العالم المسيحي, فبعد سنة من ذلك، أصدر البابا “سيكستي الرابع” “Sixte IV” منشورا بابويا يأمر من خلاله ببناء الكاتدرائيات والكنائس الأبرشية، ليس فقط في مدن طنجة وأصيلا والقصر الصغير المحتلة آنذاك، ولكن أيضا حتى في المدن التي يمكن الاستيلاء عليها بعد ذلك، وخاصة في الساحل الأطلنتيكي. لقد تتابعت الغزوات البرتغالية يحذوها أمل كبير في توسيع مجال سيادتها فيما وراء البحار، فبعد حوالي ربع قرن تمكن “دوم مانويل الأول” “Dom Manuel Ier” من فتح آفاق جديدة في تاريخ عمليات التوسع.
منذ ذلك العهد، تركزت جهود البرتغاليين على سواحل ما كان يعرف آنذاك بمملكة فاس، غير أن “دوم مانويل الأول“ تطلعت طموحاته إلى الجزء الجنوبي من المغرب، المعروف في تلك الفترة بمملكة مراكش، والذي أضحى غير خاضع لسلطة فاس، التي حل محلها أمراء قبيلة هنتاتة الذين تحصنوا داخل أسوار مراكش .تمخض هذا الوضع عن ظهور مجموعة من الزعماء المحليين بأزمور وأسفي، لم يتورعوا عن الاستنجاد بالأجانب لتأمين سلطتهم بالمنطقة ومواجهة خصومهم المجاورين، وهكذا قَبِل حكام المدينتين الدخول تحت السيادة البرتغالية تباعا في سنتي 1486 و1488م، لم يكن ذلك احتلالا فعليا حيث لم يتجاوز الأمر إقامة بعض المساكن والوكالات التجارية والمستودعات التي هُيئت لإجراء المبادلات التجارية بينهم وبين الأهالي لفائدة التاج البرتغالي، الذي خصص لرعاياه قنصلية لحماية مصالحهم.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 97 من مجلتكم «زمان»