منذ توليه العرش، وبحكم تكوينه المتنوع، لم يخرج الحسن الثاني في سياسته للحكم عن طوعي التقاليد والتحديث. وفي خضم ذلك، واجه، على امتداد أربعة عقود من حكمه، أحداثا وسياقات وضعته في مواجهة مع كل من يهدد شرعيته التاريخية والدينية، على رأسهم الإسلاميون. “زمان” تنسج حكاية كل عقد من سياسة الملك الدينية.
بعد سنوات قليلة من الخروج من بوتقة الاستعمار، كان تدبير الشأن الديني بالمغرب موزعا بين وزارة العدل ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. ولم يحظ باستقلاله، إلا بعد مرور خمس سنوات من تحرر المغرب، أي في فترة حكم الحسن الثاني، بالتحديد يوم 21 دجنبر 1961. في هذا التاريخ، تم الإعلان عن تأسيس وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الإسلامية، عين على رأسها علال الفاسي. وشكلت هذه الفترة مرحلة حرجة للملك الجديد تعذر عليه الخروج منها بتوجه خاص أو فرض تصور ديني معين، وذلك في ظل وجود تأثير الزوايا والشرفاء والصلحاء والرموز القبلية التي طبعت تاريخ المغرب طويلا. هذا فضلا عن بروز قوى سياسية كانت تنازع والده بالأمس للمشاركة في الحكم الجديد. لهذا، ارتأى الحسن الثاني وضع تصور يخدم استقرار الأوضاع، لكن يخدم بالأساس إضفاء الشرعية على حكمه الجديد.
الستينات، ترسيخ وتوظيف الدين
شهدت فترة الستينات تنازعا ما بين الملك الجديد وما بين القوى الاتحادية، حول الزعامة والقيادة الشعبية للجماهير. ظهرت نتائجه في رفضها لأول دستور للمملكة سنة 1962. لكن رغم ذلك، استطاع الملك الحسن الثاني، بمساعدة من وزيره العالم الاستقلالي علال الفاسي، ترسيخ دعامته الدستورية للحكم التي امتدت عقودا من الزمن، منها على الخصوص الجانب المتعلق بالشأن الديني. وقد نصت فصول الدستور على أن «الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية»، وأن “النظام الملكي للدولة والنصوص المتعلقة بالدين الإسلامي لا يمكن أن تتناولها المراجعة”، كما نص على أن «شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته»، بالإضافة للفصل 19 الذي يقول: «الملك أمير المؤمنين، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين، والساهر على احترام الدستور».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 66 من مجلتكم «زمان»