لم تنج الأقليات اليهودية في المغرب، حتى التي أسلمت فيما بعد، من الضغوطات السياسية والاقتصادية التي توحي بوجود تمييز عنصري واضح، على الرغم من واقع التعايش والتسامح الذي احتفظت به الذاكرة والتاريخ الرسمي للبلاد.
أطلق أهل فاس أسماء المهاجرين والبلديين والإسلاميين على مجموع العائلات، التي انحدرت من يهود فاسيين، قبل أن تعتنق الإسلام في القرن 15 بعد أعمال شغب ذات طبيعة طائفية. شكل البلديون مجموعة مغلقة، وكان التمييز الذي عانت منه سبب الانغلاق. قيل إن هذه الأسر هي التي اختارت البقاء في المدينة عندما طرحت مسألة المغادرة إلى الملاح. لكنهم كانوا محصورين في منطقة تعرف بفندق ليهودي، وأصبح زواج الأقارب ممارسة إلزامية لديهم. حتى منتصف القرن 18، شبت نزاعات مفتوحة بين البلديين وبقية النخبة الاقتصادية المحلية. وتوجهت لهم أصابع الاتهام بدعوة الغش في التجارة… وفي الإيمان. فتم إدراجهم في القائمة السوداء. وطالبت الوفود والبعثات من السلطة أن تقوم بطردهم من القيصرية، وهي القلب النابض للتجارة الفاسية. تلت ذلك أحداث ومستجدات تتراوح بين عمليات القبول والطرد. وفي عهد السلطان العلوي مولاي رشيد، تم التوصل إلى ما يشبه تسوية مؤقتة: قبول البلديين في السوق الكبيرة، مع وضع علامة مميزة فوق متاجرهم، على شكل شريط من الحرير المطرز (أو “كمخة”)، يحذر المشتري والزبون المتجول من “غدر” التاجر صاحب المكان. واختفت هذه الممارسة خلال الفترة التي أعقبت وفاة السلطان مولاي إسماعيل، وبالتالي أصبح وجود البلديين في القيصرية أمرًا واقعا.
يونس المسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 81 من مجلتكم «زمان»