تعتقد لطيفة البوحسيني، الباحثة المتخصصة في تاريخ النساء، أن أشكال التمييز والحيف التي تطال النساء تمتح في عمقها من نظام الهيمنة الذكورية الذي قام على أساس تقسيم للأدوار مختزل فيما هو إنجابي بالنسبة للنساء، وقائم على صور نمطية تتوخى إعادة إنتاج فكرة التفوق الذكوري. كما ترى البوحسيني، في حوار مع ”زمان”، أن المعارضين لإصلاح المدونة استندوا على تأويل الدين وفق منظور ذكوري واضح، منطلقين من اعتبار مصدر التشريع في علاقات الزواج هو الشريعة الإسلامية التي لا يمكن لأي كان أن يمسها.
ارتبط تطور وضعية المرأة في المجتمع المغربي بالنضال الحقوقي، من خلال العمل السياسي والحركة النسائية، كيف يمكن التأريخ لبداية هذا المسار؟
ظهرت أولى الجمعيات والنوادي النسائية لما يسمى بالجيل الثاني في منتصف الثمانينات، مسبوقة بقطاعات نسائية داخل بعض الأحزاب كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية ،ثم فيما بعد منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، هذا إلى جانب إصدار جريدة 8 مارس والمجموعات التي تشكلت حولها ابتداء من نونبر .1983 وجبت الإشارة إلى أن عددا مهما من المناضلات اللائي كن وراء تأسيس أولى الجمعيات النسائية كانت لهن تجربة سابقة في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ثم فيما بعد في الإطارات النقابية والحقوقية .السمة الأساسية التي طبعت مختلف هذه المكونات هو جذورها المشتركة وانبثاقها من داخل صفوف اليسار المغربي بخلفية أيديولوجية تمتح عموما من الفكر الاشتراكي والماركسي اللينيني.
ماذا كانت أولى المطالب وكيف تطورت؟ ومن هي الأطراف التي طرحت حقوق المرأة في هذه المرحلة التأسيسية وكيف تفاعلت معها قوى المجتمع ونخبه؟
كان المطلب الذي حظي بالأولوية لديها هو إصلاح مدونة الأحوال الشخصية. إذ، وبالرغم من اهتمامها بمختلف مجالات التمييز ضد النساء، فإنها ركزت جهودها على قانون الأحوال الشخصية الذي كان قد أصبح، من وجهة نظرها متناقضا مع التحولات التي مست الأسرة المغربية ومكانة النساء داخلها والمسؤوليات الجديدة التي أصبحن يضطلعن بها، بل أصبح يشكل حيفا واضحا ضد المرأة والأطفال في حالة حدوث الطلاق. أذكر هنا أن معركة إصلاح المدونة مرت بمرحلتين: مرحلة ما سمي بحملة المليون توقيع، ومرحلة ما سمي بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية.
حاورها يونس مسعودي
تتمة الحوار تجدونها في العدد 33 من مجلتكم «زمان»