من المعروف أن الخطابي كان على خلاف مع باقي قادة الحركة الوطنية، وخاصة حزب الاستقلال، أثناء وجوده في القاهرة. ما هي عناصر هذه الخلافات؟ المؤرخ امحمد بنعبود، نجل أحمد بنعبود الذي كان شاهدا على تحرير الخطابي سنة 1947، يجيب عن هذا السؤال.
“لم يكن على خلاف مع جميع القادة السياسيين في القاهرة بل مع بعضهم فقط. اختلف فعلا مع الزعيم علال الفاسي الذي كان موجودا في القاهرة، كما كانت علاقته مع عبد الخالق الطريس، الموجود هو الآخر بالعاصمة المصرية، باردة. لكن علاقته كانت حميمية وقوية بالشهيد امحمد أحمد بن عبود الذي كان يستقبله بمنزله في القاهرة. واستقبل أخوه امحمد جثمان الشهيد امحمد بن عبود في القاهرة، وهي في طريقها من كراتشي إلى طنجة، كما أنه كان يستقبل التعازي في وفاة الشهيد بمكتب المغرب العربي، ونشر بلاغا في جريدة الأهرام شكر فيه كل من عزاه في شهداء المغرب العربي امحمد بن عبود، والدكتور الحبيب ثامر، وعلي الحمامي.
إن الاختلاف بين القادة المغاربة في القاهرة كان اختلافا في الرؤية السياسية رغم الاتفاق في الجوهر.
لقد اتفق الجميع على ضرورة الكفاح من أجل الاستقلال في المغرب وتونس والجزائر، وتم تأسيس مكتب المغرب العربي في القاهرة من أجل تحقيق ذلك سنة 1947، وكذلك لجنة تحرير المغرب العربي سنة 1948. لكن بينما رأى القادة الوطنيون أن النضال السياسي هو أحسن وسيلة لمقاومة الاستعمار كان المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي يؤمن بالكفاح المسلح وسيلة لتحقيق هذا الهدف.
هناك خلاف آخر بين الزعماء السياسيين أنفسهم، إذ رأوا بأن الحزب هو الأساس، وبالتالي كان هدف كل حزب هو الوصول إلى الحكم في الدولة التي كان ينتمي إليها. هذا هو موقف جميع زعماء الأحزاب المغاربة.
من جهة أخرى، كان زعماء الأحزاب يناضلون من أجل تحقيق استقلال أقطارهم، كل على حدة، وفي نفس الوقت ينسقون مع زعماء الحركات التحررية في أقطار الأخرى في المغرب العربي. في حين كان هناك توجه آخر فكان يؤمن بتحرير جميع أقطار المغرب العربي لبناء مغرب عربي موحد. ظهر هذا التيار بوضوح إثر تنظيم مؤتمر المغرب العربي في القاهرة، ثم عند تأسيس مكتب المغرب العربي. ولذلك، اتخذ مكتب المغرب العربي منذ البداية توجها مغاربيا.
إضافة إلى ذلك، كانت هناك عدة خلافات شخصية في صفوف المناضلين المغاربة والتونسيين والجزائريين داخل مكتب المغرب العربي وخارجه، وكذلك في لجنة تحرير المغرب العربي وخارجها.
أخيرا، لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي اتفاق جميع الزعماء المغاربة على اعتبار محمد الخامس رمزا للسيادة المغربية وللكفاح الوطني، كما اعترفوا أيضا بالأمير مولاي الحسن بن المهدي خليفة للسلطان في منطقة الحماية الإسبانية، ويمكن إدراج هذا الموقف ضمن الرؤية الوطنية المودة”.