عندما فرضت الدول الأوربية هيمنتها على شمال إفريقيا في مستهل القرن العشرين، نهض المغاربيون لتأسيس كيان موحد ضد المستعمر. فهل نجحوا في تحقيق الوحدة؟ وهل كانت محاولاتهم عاملا أساسيا للتحرر، أم عائقا وسببا في إطالة عمر الاستعمار؟ ثم لماذا لم تتحقق الوحدة في زمن الاستقلال؟
لطالما وضعت سلالات الحكم المتعاقبة على المغرب شمال إفريقيا نصب أعينها، فهيمنت في فترات معينة على جزء كبير منه. لكن في الوقت الذي رفعت يدها، ظلت جغرافية المنطقة وتقلباتها السياسية مثار اهتمام بعض السلاطين، لدرجة جعلتهم يتدخلون، بحذر وكلما اقتضت الضرورة، لإمداد وإسعاف جيرانهم؛ مثلما قام به المولى سليمان مع الليبيين، والمولى عبد الرحمان مع الجزائريين ..وعلى المستوى الجماهيري، نهضت الشعوب المغاربية ووسعت جهودها وعضد بعضها البعض.
في مستهل القرن العشرين، خضعت الدول المغاربية (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا) لقيود وضغوط الاحتلال الأوربي، فدفعت أوضاعها إلى ظهور أصوات وانتفاضات تطالب بطرد المستعمر، وتحولت إلى حركات وطنية داخل كل قطر. ولم تكتف هذه الحركات بالعمل بشكل مستقل، بل نظمت جهودها لتوحيد الأقطار وتحريرها.
بدأ الأمر، أولا، مع حركات الشباب التونسي التي تأسست في سنة ،1907 ثم حركة الشباب الجزائري في السنة نفسها، ليتبعهم الشباب المغربي في سنة .1919 وكانت غالبيتهم تراهن، لطرد الاحتلال الأجنبي، على التعاون والعمل في إطار ما عرف بـ“الجامعة الإسلامية“ .بيد أن سقوط الدولة العثمانية ونهاية الخلافة بها، أضعف شيئا من آمال هذه الحركات .لكن ورغم ذلك، حافظت كل منها على نشاطها الوطني، لتتحول لاحقا إلى أحزاب ومنظمات سياسية، فاعلة ومؤثرة في القرار السياسي لبلدانها ولوحدتها، كما سنرى، وهي التي سماها علال الفاسي بالحركات الاستقلالية.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 98 من مجلتكم «زمان»