دفعت ظروف مادية اللبناني ألفريد طرزي إلى مغادرة العاصمة السورية دمشق، ابتداء من مطلع ثلاثينات القرن الماضي، بحثا عن فرص أخرى في المغرب .اختار طرزي الاستقرار في مدينة الرباط، وسرعان ما تمكن من بناء ثروة صغيرة من صناعة التحف الشامية والاتجار فيها، قبل أن يبني فندقين صغيرين اسمهما ”سان جورج “في كل من مدينتي الدار البيضاء والرباط. في العاصمة، ارتبط بعلاقات مع شخصيات من البورجوازية الرباطية وعدد من الفرنسيين، حين تحول محله إلى مقصد لعشاق التحف، كان من بينهم محمد الخامس. هنا، يعود حفيده مارك طرزي إلى حياة العائلة في المملكة.
كيف تعرفت على المغرب؟
كتاب “ميزون طرزي – واجهة الشرق Maison Tarazi vitrine de l’Orient بقلم المهندس المعماري كميل طرزي صدر في بيروت سنة ،2015 يؤرخ بصور أرشيف تاريخية صداقة لبنانية مغربية ودية مبنية على أصالة الفنون العربية وصداقات ثقافية رفيعة المستوى مع جلالة الملك محمد الخامس طيب لله ثراه. نعم إن المملكة المغربية الشريفة في وجدان أسرتي اللبنانية آل “الطرزي“ الذين اشتهروا بالأعمال الخشبية المشرقية الفنية الخاصة بالقصور بما ذلك الأرابسك والرسوم النباتية فضلا عن تجارة التحف المغربية والشامية منذ 150 سنة إلى يومنا هذا .وبسبب مضي أسرتي فترة طويلة في المملكة المغربية في النصف الأول من القرن العشرين ومزاولة تجارة التحف، عادوا إلى بيروت بعدد كبير من التحف المغربية التي تعكس كل الفنون المغربية التقليدية الحرفية والبعض منها يصلح أن يوضع في المتاحف. كما أن ذكريات الأسرة مع المغاربة والجاليتين اللبنانية والفرنسية في المغرب تناقلت في الأسرة على الرغم من مرور نصف قرن على مغادرتهم المغرب. كما أن بيوت أفراد آل طرزي تزخر بالفنون وأساليب الطبخ والصور التذكارية والكتب التي ترجع إلى حقبتهم المغربية. ومن ثمّ تعرفت على المملكة المغربية معرفة معمقة من دون السفر ومن دون لقاء المغاربة في بيت الوالد الفنان اللبناني الهندسي التجريدي الراحل والأديب “جبران طرزي“ وبيت جدي ألفريد طرزي.
ماذا كان يعمل جدك؟
كان جدي ألفريد طرزي، الذي ربطته علاقة ودية مع جلالة الملك محمد الخامس طيب لله ثراه، يزاول مهنة تجارة التحف المغربية والشامية في حي المخزن في مدينة الرباط، كما بنى فندقين في كل من مدينتي الرباط ودار البيضاء، وكان طليق اللسان بالعربية الفصحى وبالأدب الفرنسي مما سهل عليه اكتساب صداقات خلال إقامته الطويلة في المملكة المغربية الشريفة. وتربى والدي جبران طرزي في مدرسة إخوة “لا سال“ المسيحية في الرباط، وانصبغ ببيئة المغرب مما انعكس على روايته معصرة الزيتون Le Pressoir à Olives الصادرة، سنة 1996، في باريس مما يعكس بوضوح مشاهد جمالية من المدن المغربية كما أن ذكريات الوالد جبران طرزي المدونة تعكس شدة عشقه المغربي الذي ظهر في فنه التشكيلي الهندسي فيما بعد أيضا.
حاوره عمر جاري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 126 من مجلتكم «زمان»