إن الدارس لموضوع الدخان والتدخين وارتباطه بتاريخ الغلايين الفخارية بالمغرب، يدرك جيدا أن الموضوع عامة ليس من تلك المواضيع التي تسهل معالجتها، خاصة إذا حملت ظاهرة الدخان -في علاقتها بأدوات استعمالها- اقتراحات جديدة لتاريخ جديد يختلف عما هو معروف إلى يومنا هذا.
يثير الموضوع مشاكل متعددة على المستوى المعجمي، بحيث تصادفنا مجموعة من المصطلحات تستعمل للغرض نفسه أي التدخين، ومن بينها الدخان والتبغ والحشيش والكيف، إضافة إلى مجموعة من الأسماء الأخرى أشار إليها الأستاذ محمد حجي مثل “الطبغ وطابة والطابغة والتوبغة والدخان”…
أما الأدوات المستعملة في التدخين، فلا نعرف عنها سوى مصطلح “الغليون“ وتجمع على “غلايين“، والكلمة في حد ذاتها تتداخل مع مصطلح يرتبط بالملاحة البحرية، ويطلق على نوع من السفن يسمى . وأما لفائف التدخين، فكانت تصنع من النبات .ولم تظهر السيجارة إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. وفي الثقافة والقاموس الشعبيين، نجد بعض المصطلحات التي لا علاقة لها باسم الغليون، وترتبط خاصة باستعمال نبات “الكيف“ ومن بينها: “السبسي“ و“الشقف“ و“المطوي“ .وكل هذه المصطلحات تحتاج إلى وقفة لفهم السياق التاريخي والاجتماعي الذي أنتجت فيه، ودلالاتها، وضبطها، إلا أن هذا التعدد والتنوع يبرز بوضوح أهمية البحث في هذا المجال، وهو أمر لا يتسع له هذا المقال.
وعندما نبحث في المصادر والأبحاث والدراسات التاريخية عن النصوص المكتوبة التي قامت بمقاربة هذا الموضوع أو الإشارة والتطرق إليه، وخاصة بالمغرب، نلاحظ نقصا شديدا، بحيث أن ما كتب عنه لا يشفي الغليل، ولم يتم لحد الآن جمع المادة المتعلقة به من مختلف المصادر العربية أو الأجنبية بشكل علمي.
أحمد أشعبان
تتمة المقال تجدونها في العدد 90 من مجلتكم «زمان»