ما يزال الجدل محتدما حول اختيار اللغة المناسبة للتعليم ما بين دعاة العربية ودعاة اللغات الأخرى. وبالرغم من أن جذور الصراع تمتد إلى فترة الحماية، إلا أن تداعياته استمرت إلى ما بعد استقلال المغرب. كيف ذلك؟ وما هي السياقات السياسية والاجتماعية التي لازمت مشروع التعريب، وكيف كان تأثيره على النخب المغربية؟ وكيف وظفته الحركات الإسلامية والأمازيغية؟ الباحث وعالم الاجتماع المغربي محمد الطوزي يجيب عن هذه الأسئلة وغيرها، ويقدم وصفته العلمية للخروج من هذا الاحتقان المتجدد.
في فترة الاستعمار، كيف كان دور “المدارس الحرة” في مقاومة فرض اللغة الفرنسية على المغاربة؟
يجب التأكيد أولا أن المدارس الحرة هي جزء من الحركة الوطنية، ولا يجب أن نخلط بين الحركة الوطنية والمقاومة، فالحركة الوطنية كانت تؤمن بالقيم الكونية بما فيها متغيراتها الدينية. كما أن الصراع حينها لم يكن حول اللغة بقدر ما كان موجها ضد فرنسا كقوة استعمارية. وفي المدرسة الحرة لم يكن أصحاب اللغة العربية ذوو التوجه الديني متعارضين مع اللغة الفرنسية. فعلال الفاسي درسها في المنفى، وآخرون كعبد لله كنون هاجر مع عائلته من مدينة فاس تجنبا للاضطهاد الفرنسي، لكنه تعلم الفرنسية بمنزله في طنجة بشكل عصامي، واطلع بشغف على نصوص الأدب الكلاسيكي الفرنسي.
من ناحية أخرى، لا يجب الاعتقاد أن المدارس العمومية الكولونيالية بالرغم من أنها كانت تقتصر على أبناء الأعيان، إلا أنها لم تستبعد اللغة العربية. كان التعليم مزدوجا باللغتين، بخلاف ما سيتم في المدارس الفرنسية لاحقا بعد فترة الاستقلال. حاليا، أنا أشتغل على “أرسين رو” (Fond Arsène Roux) الذي عاش بالمغرب وأدار ثانوية مولاي يوسف ما بين 1935 و1944، وكان فيها أيضا أستاذا للغة العربية. وقد فاجأتني جودة مناهجه المعتمدة وكذلك تجاوب التلاميذ معها.
كيف أثر التعليم باللغة الفرنسية على النخب المغربية في المراحل الأولى بعد استقلال المغرب؟
إذا استثنينا النخبة المكونة بمدارس أزرو حيث كان حضور اللغة العربية بها ضعيفا، فإن نخبة العشر سنوات الأولى من الاستقلال كانت مزدوجة اللغة بشكل كامل. أما مسألة أحادية اللغة، وأقصد العربية، فكانت تقتصر على بعض المؤسسات الثانوية التي تدرس التعليم الأصيل. أما دون هذه، وإلى حدود نهاية السبعينات، فقد ظلت مدارس المغرب مزدوجة اللغة.
تتمة الحوار تجدونها في العدد 66 من مجلتكم «زمان»