ملأ دنيا مراكش قبل أن تصل شهرته إلى الآفاق، وشغل القاصي والداني. كان ينظم الشعر كما يتنفس الهواء. لم يهتم بطبع ديوان، قبل أن يأمر الحسن الثاني بجمع قصائده، حتى يعرفه كل المغاربة، السابقين واللاحقين.
هو محمد بن إبراهيم السراج، ولد بمراكش عام ،1897وتوفي بها عام 1954 ودفن بمقبرة باب أغمات التي تدعى بقيع مراكش، وقد كان يدمن زيارة هذه المقبرة ليلا. عاش في أسرة متواضعة بحي رياض الزيتون بالمدينة القديمة. وهو من أصول هوارية من قبائل سوس. وعلى ما جرت عليه عادة المغاربة، أسلمه أبوه إلى الكُتّاب لحفظ القرآن، حفظه بروايتي ابن كثير وأبي عمرو بن العلاء البصري. وحفظ متونا عديدة كانت متداولة في زمنه. قبل أن يلتحق بكليتي ابن يوسف والقرويين، يقول: «ثم عكفت على دراسة العلوم الدينية بكلية ابن يوسف ثم كلية القرويين .وبعد الإتمام، انقطعت إلى التدريس زمانا غير طويل بالكلية اليوسفية، ثم جذبني الأدب – الذي كنت أغالب ثورة منه تعصف في أعماقي – جذبة قوية ما زلت منها بين أحضانه إلى الآن». كان والده يريده أن يصير فقيها عليه سمت العلماء، إلا أن الولد أبى إلا «أن يكون أديبا مرسل العنان، لا يتقيد بأي ناموس، فاختلفا، وأفضى الأمر في ذلك إلى أن غلبت عارمة الصبي صرامة الأب، فتهتك الفتى بدل أن يتنسك، وجاءنا منه شاعر بديلا عن فقيه». بعد أن ثقف علوم عصره، ومارس التدريس بكلية ابن يوسف، وبمدرسة الباشا، استشعر أن تلك الثقافة التقليدية لم تكن تلبي طموحه الأدبي، فعكف على التكوين الذاتي، في مجال الأدب عبر إدمان قراءة المتاح من كتب ابن قتيبة والجاحظ والكامل للمبرد والمقامات والأمالي للقالي وكتب الطبقات ونصوص من الأدب الأندلسي، وقد أغرم باللزوميات لأبي العلاء المعري. ويروي من عاشره من أدباء المدينة أنه عارض اللزوميات، وأنشأ ديوانا، إلا أن هذا الديوان لم يوجد.
محمد ٱيت لعميم
تتمة المقال تجدونها في العدد 132 من مجلتكم «زمان»