لم يكن محمد تقي الدين الهلالي، رجلا ولا عالما عاديا، اعتنق الفكر السلفي، وكان يتحدث أكثر من لغة، كما كان من المعجبين بهتلر نكاية في فرنسا.
بعد أن أنهى محمد تقي الدين الهلالي تعليمه الأولي في ظل بيت علم، ولم يكن قد تجاوز الخامسة عشرة من عمره، بدأ يسجل عنده تلازم المسارين الدراسي والتدريسي. فبعد وفاة والده، تنقل بين القبائل، واستقر في زيان، يؤم الناس بالمسجد، ويعلم الأطفال القرآن، وهناك تعلم الأمازيغية الأطلسية. وعاد ليستأنف دراسته على يد الشيخ محمد بن حبيب الشنقيطي. وبعد وفاة هذا الأخير سنة 1919، توجه إلى مدينة وجدة، فتتلمذ بها مدة على يد القاضي أحمد السكيرج، وخاض في اللغة والنحو والأدب والفقه والتفسير وغيرها.
الهلالي التيجاني
وكان أحمد السكيرج، وقتها، مقدما للطريقة التيجانية، فأصبح الهلالي بدوره متصوفا تيجانيا حتى إنه كتب قصيدة مدح فيها أحمد التيجاني. بعد مرحلة وجدة، توجه الهلالي إلى مدينة فاس سنة 1921، وحضر في القرويين دروس بعض الأساتذة، وكان أكثرهم تأثيرا عليه الشيخ محمد بن العربي العلوي. وتوجت دراسته في القرويين بحصوله على الإجازة. في سنة 1921، وقع للهلالي خلاف حاد مع بعض قضاة وجدة، قرر على إثره مغادرة المغرب، فسافر إلى القاهرة عبر فرنسا في آخر سنة 1922، وعمره ستة وعشرون سنة، لاستكمال طلب العلم. فحضر القسم العالي بالأزهر، دون أن يعمر فيه طويلا بعدما لم يجد بغيته، والتحق بحلقة الإمام السلفي رشيد رضا، أكثر الدعاة إلى السلفية آنذاك، فحضر المناقشات الحادة التي كانت تجري فيها، وكانت سببا في نضجه الفكري، وميله إلى طلب الأدلة العقلية. كما التقى الهلالي في مصر بمجموعة من العلماء السلفيين.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 15 من مجلتكم «زمان»