أمام الأوضاع والتحديات التي بات المغرب يواجهها في ما يتعلق بأزمة التعليم، نحتاج إلى الاستماع والإنصات إلى آراء الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، فبالنظر إلى تجربتهم المتراكمة داخل المغرب وخارجه، تظل آراؤهم قيمة مضافة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه. من بين هؤلاء المتمرسين، الأستاذ واللساني موحى الناجي، الذي يحدثنا في هذا الحوار عن بعض القضايا الإشكالية في التربية والتعليم بين الأمس واليوم، فنخوض معه في تجربته الشخصية ومساره الأكاديمي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية .نعود أيضا مع ضيف العدد إلى الأوضاع والسياقات السياسية التي عرفها المغرب في الستينات والسبعينات، والتي أثرت في التوجهات التعليمية والعلمية للطلاب، لا سيما اليساريون والثوريون منهم، وقد كان لعلم اللسانيات نصيب من ذلك، لا سيما الجدل حول العربية والفرنسية وكذلك وضع الأمازيغية، وصولا إلى اللغة الإنجليزية التي أضحى المغرب يعول عليها لتنمية البلاد مستقبلا.
نستهل الحديث في البداية بتعليقك على تصريح رئيس الحكومة مؤخرا بالبرلمان، إذ قال إن «77 بالمائة من التلاميذ المغاربة غير قادرين على قراءة نص مكون من 80 كلمة باللغة العربية بسلاسة، وقال إن 70 بالمائة لا يقدرون على قراءة نص بالفرنسية مكون من 15 كلمة فقط.. كما أن أزيد من 330 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا». ما تعليقك؟
على ضوء هذه المعطيات المخجلة، ينبغي تحقيق إصلاح تربوي شامل وإصلاح المدرسة العمومية وتجويد منظومة التربية والتكوين، ووضع التعليم في صلب أولويات الدولة، باعتباره يشكل آلية لتنمية الرأسمال البشري، ورافعة لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، مع التركيز على تجويد تعليم اللغات والمهارات اللسانية المختلفة. هذه معطيات مقلقة أيضا حيث يتضح أن 30 بالمائة فقط من التلاميذ يتمكنون من قراءة فقرة قصيرة باللغة الفرنسية بسلاسة، و13 بالمائة فقط يستطيعون إجراء عملية قسمة بسيطة، و49 بالمائة من الطلبة يغادرون الجامعة بدون الحصول على دبلوم. هذا التشخيص يتقاطع مع ما جاء به تقرير النموذج التنموي الجديد، الذي حدد مكامن الخلل في ثلاثة أبعاد، يتعلق الأول منها بأزمة جودة التعلمات، والثاني بأزمة ثقة المغاربة إزاء المؤسسة التربوية وهيئتها التعليمية، فيما يرتبط البعد الثالث بأزمة مكانة المدرسة التي اعتبر التقرير أنها لم تعد تقوم بدورها في الارتقاء الاجتماعي وتشجيع تكافؤ الفرص. والقانون الإطار للتربية والتكوين، أخذا بعين الاعتبار توصيات النموذج التنموي الجديد، وفق منظور متكامل يشمل الارتقاء بالبحث العلمي وتأهيل الموارد البشرية وخلق فضاءات تعليمية وجامعية تضمن العدالة والمساواة بين جميع أبناء المغاربة، ويضمن لهم الانخراط في عالم المعرفة والتواصل والاندماج في سوق الشغل ويسهم في الارتقاء الفردي والاجتماعي.
لنعد إلى بدايتك ونشأتك، أين ولدت وترعرعت؟ حدثنا عن الوالد والبيت..
ولدت في منطقة أزيلال عام 1953، وحصلت على تعليمي الابتدائي في مدرسة قريتي تيموليلت، وتعليمي الثانوي في ثانوية ابن سينا ببني ملال، والتعليم العالي في كلية الآداب في الرباط، ثم المملكة المتحدة. والدي رحمه لله لحسن الناجي كان مقاوما، حارب الاستعمار الفرنسي إلى جانب جيش التحرير في جبال الأطلس. بعد الاستقلال، انضم إلى الجيش الملكي، وبعد تقاعده عاد إلى مهنته الأولى كفلاح وكتاجر في مدينة بني ملال. نشأت وترعرعت في بيت متواضع. كنا سبعة أطفال. ورغم أن أمي أمية وأبي كان يعرف فقط أن يكتب ويقرأ ويقوم بعمليات حسابية بسيطة، فإنهما كانا يشجعاننا على الدراسة والتحصيل لأنهما كانا على وعي بدور التعليم والتكوين الحيوي في تحسين أوضاعنا.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 125 من مجلتكم «زمان»