كان العصر الأندلسي مشتلا للمعارف اليهودية العبرية، حيث برزت مجموعة من الأسماء التي خلفت إرثا غنيا وجب التوقف عنده ودراسته، ومن بينهم الشاعر والناقد الغرناطي أبو هارون موسى بن يعقوب بن عزرا، الذي وصفه أحمد شحلان، المؤرخ المتخصص في التاريخ العبري بـ”أحد أعلام الأدب العبري” .في السطور التالية، ورقة حول فكر الرجل وإسهاماته في الحقل الثقافي.
يرجح أن ابن عزرا ازداد بين السنوات 1055 و1060 بغرناطة، لعائلة يهودية غنية وذات نسب عريق. اكتسب تعليما متنوعا، جمع فيه بين التوراة والفسلفة والآداب اليهودية على اختلافها. كان ابن عزرا، أيضا، عارفا بالفلسفة والأدب العربيين نصوصا وتاريخا، كما تظهر موسوعيته في حرصه على الاطلاع على المصادر اليونانية المتداولة عند الأندلسيين .ومن أساتذته، أخوه الأكبر أبو إبراهيم إسحاق، الذي قال عنه في كتابه المحاضرة والمذاكرة بأنه كان «من أهل القول الرصين والشعر المبين»، وأيضا إسحاق بن غياث رئيس مدرسة لوسيانة، التي كانت المركز الرئيس ليهود الأندلس. قضى ابن عزرا معظم حياته بغرناطة، فنهل من معارفها واختلط بذوي المعرفة والآداب والشعر، لكن عندما دخل المرابطون المدينة، غادرت مجموعة من الأسر اليهودية ومن بينهم إخوته، في حين فضل موسى البقاء، إلا أن حاله تغير. وبحسب شحلان فقد «اعتزل الناس، وابتعد حتى عن أقربهم إليه وهم أبناؤه، وبقي على هذه الحال إلى أن غادر غرناطة سنة ،1095 ليلقي عصا الترحال بإسبانيا، فظل بها طوال أربعين سنة يعيش الوحدة والضياع والفقر، ويردد ذكرى أيامه الزاهية بغرناطة». توفي ابن عزرا في العقد الرابع بعد الألف والمائة للميلاد، وقد كانت آخر أشعاره في السنوات 1135 أو .1138
لا يمكن قراءة شعر ابن عزرا إلا في إطار فهم طبيعة حياته؛ وكما سبق وأشرنا، فقد عاش الرجل الانعزال والانفراد، ولم يواس وحدته سوى شعره وبعض أصدقائه الشعراء مثل الشاعر يهودا اللاوي، يفسر شحلان ذلك بقوله: «ولعل هذا الانغلاق على الذات والابتعاد عن الآخر، هو ما جعله غزير نظم الشعر متنوعه».
تتمة المقال تجدونها في العدد 105 من مجلتكم «زمان»