حرص محمد بوضياف عشية عودته إلى الجزائر لتولي الرئاسة على توديع بعض من أصدقائه من المقاومين المغاربة. كان من بينهم مولاي عبد السلام الجبلي، القيادي البارز في حركة المقاومة. هذه بعض ذكريات مولاي عبد السلام عن هذا اللقاء، الأخير، مع بوضياف.
كنت من جملة الشخصيات التي التقاها محمد بوضياف قبيل عودته إلى الجزائر لرئاسة البلاد سنة 1992. ماذا كانت مناسبة هذا اللقاء؟
كان محمد بوضياف يود وادعنا وطمأنتنا بعزمه على العمل من أجل حل الخلافات القائمة بين المغرب والجزائر. أتذكر أنه ألح علي كي أحضر هذا اللقاء الذي احتضنه بيت عبد الكريم الخطيب بالرباط، كما ألح على حضور المقاومين حسن صفي الدين ومصطفى بنعثمان. وذلك بالنظر لمدى الود والاحترام الذي كان يجمعنا. وقد عبر لنا، على الخصوص، أنه يعتزم العمل على حل مشكل الصحراء، وتجاوز الخلافات التي تشوب العلاقات بين البلدين، والمضي قدما في بناء الوحدة المغاربية، مؤكدا أنه لا يعقل أن تستمر القطيعة بين البلدين.
لم يطلب رأيكم في ما إذا كان عليه أن يستجيب للدعوة التي وجهت إليه أم لا؟
كلا، فقد كان مصمما على تلبية نداء الوطن، كما قال. كان المرحوم بوضياف وطنيا، ويعتبر أن الواجب يناديه ولا يمكنه إلا أن يلبى النداء، ويتحمل مسؤوليته. من جهتي، لم أكن مطمئنا لعودته، نظرا لمعرفتي بشخصيته. فقد كان يتميز بالصرامة في التفكير والعمل، متشددا في ما يقتنع به ولا يتنازل أبدا. وهذه قضية ليست بسيطة، فالسياسة، وخصوصا منها ممارسة الحكم، تتطلب قدرا من المرونة. فضلا عن صعوبة الأوضاع آنئذ في الجزائر. كان ظني أنه، إما سيقدم تنازلات ليتفاهم معهم،أو أنهم سينتهون بتصفيته. لكنني لم أجرؤ على أن أصارحه بشعوري حينئذ.
حاوره إسماعيل بلاوعلي
تتمة الحوار تجدونها في العدد 43 من مجلتكم «زمان»