أثارت تحركات المغرب في المناطق الجنوبية الحدودية “قلق “جيرانه بنواكشوط، وذلك على إثر عزمه إعمار مدينة الكويرة وإنشاء ميناء على أرضها .هذا الأمر قد يعيد إلى الأذهان الصراع التاريخي والسياسي حول ”مغربية موريتانيا.”
ما تزال حدود المغرب الجنوبية تثير حفيظة جيرانه من كل الجهات، وهذه المرة من المعنية بالأمر موريتانيا، «ولو بشكل غير رسمي لحد الآن». فبعد أن أعلن المغرب عن إعادة تأهيل المناطق الحدودية مع نواديبو، ومع تجدد المناوشات بين الفينة والأخرى على الحدود بمنطقة الگرگرات بسبب جبهة البوليساريو، كما حدث السنة الماضية، اتخذ المغرب تدابيره لتأهيل المناطق الجنوبية وإعمارها في ما يخص المرافق العمومية والسكنية، وكذا المنشآت الصناعية.. مثل هاته التحركات لم تعد تثير حفيظة الجزائر والبوليساريو، كعادتهما، فقط، بل “انزعجت“ منه الجارة موريتانيا .ويعود الانزعاج كما روجته الصحافة الموريتانية إلى ما نشرت القناة الأولى المغربية في تقرير إخباري لها حول ميناء الداخلة الأطلسي، بحيث «أبرزت القناة، المواقع المينائية الحالية والمستقبلية على طول السواحل المغربية، وكشفت عن التخطيط لإنشاء ميناء جديد بمدينة الكويرة أيضا».
وأبدى الموريتانيون تخوفهم من عزم المغرب «إنشاء ميناءين جنوب الداخلة، الأول هو ميناء امهيريز والثاني هو ميناء الكويرة»، وهو ما يعني «فرض منافسة قوية مع ميناء نواذيبو المستقل وما قد ينجم عن تلك المنافسة من ازدهار اقتصادي لشمال موريتانيا».
لكن المغرب من جهته، ومنذ سنوات الأخيرة، بدأ ينهج سياسة تأهيل المناطق الجنوبية وتنميتها على المستوى الاقتصادي ولم تكن له قط رغبة في المس بسيادة دولة ما أو التضييق عليها.
مثل تلك التخوفات تتجدد من الجانب الموريتاني كلما أثيرت قضية تمس حدوده مع المغرب، وربما تذكره بجذور النقاش الذي يعود إلى منتصف القرن الماضي .فقد كان بعض قادة الحركة الوطنية قبل استقلال المغرب وقبل تأسيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، يطلقون دعوات إلى ضم موريتانيا إلى المغرب، في مقدمتهم علال الفاسي. هذا الموقف توافق معه “إلى حد ما“ الملك محمد الخامس. بينما الحسن الثاني قبل مشاطرة الأراضي مع الموريتانيين .أما الأحزاب المغربية فقد كانت مختلفة منذ السنوات الأولى من الاستقلال؛ فمثلا ضم علي يعته “الشيوعي الأول في المملكة“ صوته إلى دعوات علال الفاسي، وأصدر سنة 1960 كتيبا تحت عنوان “موريتانيا إقليم مغربي أصيل“.
أما الاتحاديون فكانوا يفضلون الاستفتاء حول الحدود. ويذكر الرئيس الموريتاني السابق المختار ولد داداه، في مذكراته أنه قابل المهدي بن بركة عدة مرات «ولم تتجه اهتماماتنا وحواراتنا أبدا إلى التآمر على المغرب، بل كنا نتحدث كثيرا عما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين بلدينا في ظل الاحترام المطلق لاستقلال موريتانيا وسيادتها». وأضاف أن موريتانيا بالنسبة لعبد الرحيم بوعبيد «لم تعد جزءا لا يتجزأ من المغرب، ولكنها جزء لا يتجزأ من المغرب العربي الكبير الذي كان بناؤه ومستقبله الشغل الشاغل لديه».