ما تزال الدراسات تتضارب حول العلاقة بين صلاح الدين الأيوبي وبين يعقوب المنصور الموحدي. والسبب هو الرسالة التي بعث بها صلاح الدين يستنجد بالخليفة الموحدي لحماية بيت المقدس .معظم الروايات، تقول إنه لم يستجب لطلبه لعدة أسباب سياسية ونفسية. فما هي إذن الحكاية كاملة؟
تركز أغلب الكتب والروايات، عند تدوينها لسيرة صلاح الدين الأيوبي، على دخوله لبيت المقدس وتحريره من أيدي “الصليبيين“ في معركة حطين الشهيرة سنة 1187م .وهو حدث بارز يتجلى في كون هذا القائد العسكري استطاع استرجاع القدس، ذات المكانة الدينية والرمزية لدى الأديان الثلاثة، التي طال احتلالها لحوالي قرن من الزمن.
لكن وبعد انتصاره في هذه المعركة، لم يكن صلاح الدين الأيوبي مطمئن البال على دولته، وتيقن أن العدو متربص به، وسيعود لاسترجاع القدس. وبالفعل، بعد سنوات قليلة بدأ “الصليبيون“ المطرودون يستجمعون قواهم بالمناطق المجاورة، وجهزوا جيوشهم وقصدوا القدس. تقول بعض الروايات إن صلاح الدين اضطر حينها، أن يراسل الدولة الموحدية ويطلب عونها لصد «الصليبيين» ودحرهم .فهل استجاب له السلطان المغربي أم لم يستجب؟
كان من قدر الدولتين الأيوبية والموحدية، أن تحتك كل واحدة منهما مع الأوربيين، وتحاول تأمين سيادة دولتها .فمن جهة الأيوبيين، كان “الصليبيون“ قد وصلوا إلى الشرق واحتلوا بعض المناطق، أهمها مدينة القدس التي شكلت محور صراع “دائم“، فدخلوها سنة 1099م، وأحكموا سيطرتهم عليها .ولما قويت الدولة الأيوبية في نهاية القرن 12م، استرجعها صلاح الدين الأيوبي لكن معاركه معهم استمرت طيلة حياته .وفي الغرب الإسلامي، تكالب على الدولة الموحدية خلال حكم يعقوب المنصور الإسبان والبرتغاليون للإطاحة بحكمه في الأندلس .وتطورت الصراعات والحروب بينهم لاحقا، وآلت لاندلاع معركة الأرك سنة 1195م، وهي واقعة انتصر فيها الموحدون، ورفعت من شأنهم وصيتهم وقتئذ.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 100 من مجلتكم «زمان»