كان لسلاطين المغرب أوقات خاصة، داخل القصر أو خارجه، من أجل الاسترخاء والاستجمام والأنس، يتصرفون فيها كيفما يشاءون. لكن ورغم مظاهر الحرية تلك، إلا أن تسليتهم كانت تتماشى مع بروتوكلات تعكس مظاهر الحكم السياسية والدينية.
لم تخل يوميات سلاطين المغرب من أوقات فراغ تبعدهم عن سياسة الحكم، فكان بعضهم يخصص وقتا لممارسة هواياته في اللعب والترويح عن النفس. وقد تحاشت بعض الكتابات المصدرية الحديث، بشكل مفصل، عن خصوصية السلاطين وما يقع داخل القصر، إما لعدم قدرتها على الإحاطة بها، أو لكون الحديث عن لهو السلطان وتسليته سيجعله «حاكما مقصرا تجاه رعيته». لذا، كان السلاطين خلال حلهم وترحالهم، أمام الخدم والعامة، يحرصون كل الحرص على حفظ صورتهم وهيبتهم أمام الرعية. ومع ذلك، تمكن الإخباريون من معرفة بعض عادات السلاطين وهواياتهم.
التسلية بالحيوانات
كان لبعض السلاطين بالمغرب هوايات وعادات دأبوا التسلية بها وإقامتها داخل القصر. من بينهم بعض سلاطين بنو مرين الذين فتنوا بمشاهدة “مصارعة الأسود“ التي اعتاد تنظيمها أهل فاس خلال العصر الوسيط، وعرفت باسم “لعبة السباع“. أقيمت هذه اللعبة، تارة، بين الأسود والثيران، وتارة بين الأسد والإنسان، وهي عادة يرجح أنها تقليد لألعاب الرومان. وأورد ابن الخطيب، بخصوصها، أنها مصارعة شبيهة لما كانت تقيمه غرناطة. كان السلطان أبو عنان المريني معجبا بهذه اللعبة، فخصص موضعا داخل قصره وشيد ساحة من أجل إقامتها. فكان يشرف بنفسه على مصارعة الأسود من أحد أبراجه. يذكر الشاعر الأندلسي ابن الأحمر، عن أبي عنان، أنه كان «مولعا بقتل الأسد، فسيق إليه يوما أسد فقتل بين يديه بقصره من دار الإمارة بالمدينة البيضاء، والسلطان المتوكل أبو عنان جالس بأعلى علية القصر ينظر للأسد».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 88 من مجلتكم «زمان»