في يناير 2015، أقدم تنظيما جماعة «أنصار الدين» في شمال مالي و«القاعدة في المغرب الإسلامي» على إحراق أحد أهم المعالم التاريخية في جمهورية مالي، معهد البحوث الإسلامية أحمد بابا في تومبكتو. وتم خلال المحرقة، حسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، القضاء على قرابة 4200 مخطوط والكثير من الوثائق التاريخية النفيسة. ولحسن الحظ، نظم الماليون عملية إنقاذ حثيثة لمئات الآلاف من الوثائق، وجرى نقلها في اتجاه العاصمة باماكو.
من بين هذه الوثائق، حسب وكالة الأنباء الفرنسية، التي تم إنقاذها في اللحظات الأخيرة، نسخة مغربية نادرة لمعاهدة مدريد الموقعة في العاصمة الإسبانية في عهد السلطان المولى الحسن. وتوجد النسخة اليوم في المبنى المؤقت لمعهد أحمد بابا في باماكو. ويرجح أن يكون هذا المخطوط النادر وصل إلى تومبكتو، العاصمة التاريخية لمالي، في الوقت الذي كان فيه أمراء الشمال في مالي على علاقة بالملوك المغاربة. وهو من بين 370 ألف وثيقة، تمكن الماليون من ترحيلها من تومبكتو إلى باماكو، وضمنها وثائق تعود إلى القرن الثاني عشر.
وتم توقيع اتفاقية مدريد في يوليوز 1880، إثر المؤتمر الذي عقد في العاصمة الإسبانية بمشاركة 12 دولة إضافة إلى المغرب، هي فرنسا، وألمانيا، والنمسا، وبلجيكا، والدانمارك، وإسبانيا، وإنجلترا، وإيطاليا، وهولندا، والبرتغال، والسويد، والولايات المتحدة الأمريكية. ورغم أن المغرب نجح خلال المؤتمر في الحفاظ على استقلاله، بعدما تم التأكيد على عدم تبعيته لأي دولة أجنبية، إلا أنه قدم تنازلات مفرطة، وصلت إلى المس بسيادته نتيجة استفحال الحمايات القنصلية. ومعلوم أن المحميين لا يخضعون للقانون المغربي، ولا يؤدون الضرائب والغرامات. وسجل عددهم ارتفاع سريعا بعد المؤتمر، كما دشنت الدول الأجنبية توجها جديدا يقوم على بسط الحماية على شخصيات ذات وزن ديني وسياسي.