عاش أحمد بنكيران محطات أساسية في تاريخ المغرب الراهن، قبل وأثناء الاستقلال. لعل أبرز تلك المحطات، مرحلة الحركة الوطنية، والمقاومة، في مراكش والدارالبيضاء، مرورا بالتنسيق مع الفرنسيين الليبراليين، والاتصالات مع أصحاب القرار الاقتصادي والسياسي في باريس. ثم مرحلة المفاوضات مع الفرنسيين، بعد الاستقلال، لاستكمال التحرر الاقتصادي للبلاد، ومحاولات بناء اقتصاد وطني يحفظ سيادة البلاد، ويمنحها إمكانيات ووسائل التنمية، منذ حكومة البكاي الأولى وإلى غاية حكومة عبد الله إبراهيم، من مواقع مختلفة. فضلا عن مشاركته في العديد من الأحداث والتحولات السياسية، وتجربته في الصحافة أثناء سنوات الرصاص، وتوليه مهام ومسؤوليات رسمية، وانخراطه في عالم الأعمال. اختار أحمد بنكيران تقاسم تقديم شهادته حول محطات أساسية من تاريخ المغرب الراهن، مفضلا الاعتماد في ذلك على ذاكرته، لكن أيضا على آلاف الوثائق الدالة على الأحداث والتحولات التي تتناولها مذكراته، المرتقبة في شهر فبراير من السنة المقبلة. يخص أحمد بنكيران قراء “زمان”، في هذا الحوار المطول، بجانب من ذاكرته ووثائقه، حول مرحلة أساسية من تاريخ المغرب في السنوات الأولى للاستقلال.
كيف بدأ مسارك في الحركة الوطنية؟
ولدت في مراكش سنة 1927. في سن العاشرة بعثني والدي، رفقة شقيقي الأصغر إبراهيم، إلى داخلية مدرسة جسوس بالرباط، التي كانت تسمى أيضا مدرسة بلافريج. كانت تلك مغامرة وسابقة في مجتمع محافظ ومغلق، لكنها كانت تجربة مفيدة بالنسبة لنا. فالمستوى التعليمي في تلك المدرسة كان جيدا، باللغتين العربية والفرنسية، كما أنها كانت مدرسة للوعي الوطني، ولذلك ظلت السلطات الاستعمارية تتحين الفرص لإغلاقها. عدت إلى مراكش سنة 1940 لأتابع الدراسة في كوليج سيدي محمد. في سنتي الأولى بالسلك الثانوي، جمعني القسم بزملاء مثل أحمد الطيبي بنهيمة وعبد السلام مجيد القادمين من آسفي، والعربي عمور، ومحمد عمور، وبدرالدين الخطيب من مراكش… فضلا عن زملاء أكبر سنا مثل امحمد بوستة، ويوسف الطعارجي، وعبد القادر الطعارجي، وعبد الرحمان اليوسفي الذي جاء من طنجة لتحضير الباكالوريا. كان كوليج سيدي محمد، مدرس “أبناء الأعيان” الوحيدة في كل الجنوب المغربي. وكما هو معروف، كانت مدارس “أبناء الأعيان”، في فترة الحماية، موجهة لتكوين أطر المخزن والإدارة الاستعمارية.
حاوره إسماعيل بلاوعلي والطيب بياض
تتمة الملف تجدونها في العدد 33 من مجلتكم «زمان»