يعتبر نفسه في مختبر تجريبي دائم، مجرد كاتب هاو لا يحبذ أن يوصف بأنه محترف حتى لا يفقد الرغبة في الكتابة. رغم أن النقاد يصفونه بـ”شيخ القصة القصيرة المغربية”، فإن أحمد بوزفور يعتبر نفسه في مرحلة تعلم مستمر. متمرد وغير مهادن حينما يتعلق الأمر بالمجاهرة في فضح ما يراه قبحا، لا يكل من قطع المسافات الطويلة إلى القرى النائية والمهمشة للاحتفاء بالقصة. في هذا اللقاء مع “مجلة زمان”، يعود صاحب “النظر في الوجه العزيز” إلى صفحات من حياته ومساره بداية بالطفولة الحالمة مرورا بـ”المسيد” الذي كان يعتبره سجنا وصولا إلى نشاطه السياسي، كما يعود إلى حدث رفضه لجائزة المغرب للكتاب.
بداية، حدثنا عن نشأتك ومراحل طفولتك الأولى؟
ولدت سنة 1945 بقبيلة البرانس بإقليم تازة، من أسرة فلاحية. في طفولتي الأولى كنت، بالإضافة إلى حصة الفقيه في الجامع، أرعى الغنم. عشت طفولة غنية بالمناظر الطبيعية الرائعة. من نافذة في البيت الذي عشت فيه، لم أكن أرى المنظر الواحد مرتين. ما أزال أتذكر حتى الآن تغير الأضواء والظلال المختلفة باختلاف ساعات النهار، وباختلاف الفصول، وباختلاف حياة المنظر وحيواناته وأشخاصه. كان ينبغي أن أصير تشكيليا. ولكنني كنت مهووسا بالحيوانات: الغنم والماعز والبقر والبغال والخيول والكلاب والدجاج… وبالطيور: أمم من الطيور كانت تعيش معنا وحولنا وفوقنا، وتسكن أحلامنا وأخيلتنا. ولكل نوع من الطير ألوانه وأحجامه وأسماؤه وأعشاشه وبيضه وألوان البيض وفراخه وزقزقاته. كنت أرى المسيد سجنا. ما أن أخرج منه حتى أُسلم نفسي وجسدي للطبيعة وحيواناتها، لأنني كنت أعتبرني منها: عصفورا حرا لا يخاف إلا من البشر. ليت الأيام أعطتني طفولتي التي سلبتني، وأخذت بدلا منها حكمتي وتجاربي وقراءاتي وكتاباتي.
ماذا تتذكر عن مراحل تعليمك الأولى؟
درست الابتدائي والإعدادي والثانوي بالقرويين بفاس. امتحنوني قبل تسجيلي في السنة الابتدائية الأولى في حفظي للقرآن. ومرت سنوات الابتدائي الثلاث بسلام، فقد كنت مبهورا بالحياة في المدينة، وبالدراسة في الكتب والكتابة في الدفاتر بدل الألواح.
حاوره عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 54 من مجلتكم «زمان»