تعتبر مسيرة وتجربة ألبير ساسون غنية ولا يمكن حصرها في عدة صفحات، فهي لا تختزل حياته فقط، بل تعكس عدة مسارات وأحداث عايشها داخل المغرب وخارجه. ألبير ابن عائلة مغربية يهودية خدمت السلاطين العلويين وخاطت لباسهم، درس العلوم الطبيعية وعينه الملك الحسن الثاني أول عميد لكلية العلوم. ثم تقلد مهام رفيعة داخل منظمة اليونسكو، فالتقى كبار الشخصيات العالمية وكون صداقة خاصة معهم، على رأسهم زعيم الثورة الكوبية فيديل كاسترو وياسر عرفات ونيسلون مانديلا. كما كان عضوا بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وعضوا بلجنة صياغة دستور المملكة سنة 2011.
في هذا الحوار، مع مجلة «زمان»، يكشف ألبير ساسون (من مواليد 1935)، لأول مرة، ما شهده من هجرة المغاربة اليهود منذ أربعينات القرن الماضي، ودور النظام والأحزاب السياسة في تناقص أعدادهم من المغرب، بعد حرب 1967. كما يكشف عن لقاءاته مع فيديل كاسترو في عز الأزمة بين المغرب وكوبا، إضافة لكواليس التوسط لإطلاق سراح أبراهام السرفاتي والمجهودات العلمية لتحديد أنساب عائلات المعتقلين والمفقودين في سنوات الرصاص. في الحوار ذاته، يتحدث ألبير ساسون عن مواضيع أخرى شهدها وعن أدوار قام بها.
في البداية حدثنا عن أصول عائلتك وأجدادك الذين اشتغلوا خياطين للسلاطين؟
تنحدر عائلة آل ساسون من يهود المشرق ببغداد، على خلاف “ساسون” المنحدرين من شمال أوربا. قدم أجدادي إلى المغرب واستقروا بجنوبه في فترة حكم العلويين، ومارسوا التجارة واشتغلوا في مهن وحرف داخل قصر السلاطين، إلى غاية انتقالهم وانتشارهم مع مرور السنوات إلى مدن عديدة كمراكش وفاس والدار البيضاء ثم الرباط… اشتغلوا بالأساس خياطين للسلاطين العلويين، منذ مولاي عبد الرحمان، وقد كتبت عنهم بالتفصيل في كتاب يحمل عنوان «خياطو السلطان، مسار عائلة يهودية مغربية».
ماذا تتذكر عن طفولتك؟
ولدت في سنة 1935 بمدينة الرباط، والداي من أصول فاسية. اقترنت طفولتي بهذه المدينة إلى غاية استقلال المغرب في أجواء تتسم بالانتماء للإقليم، حيث يطبع الناس انتماؤهم لمنطقة جغرافية معينة. وقد كنت ضمن هذا النسق، إذ بالرغم من أنني عشت بمدينة الرباط إلا أننا كنا نعيش على عادات وتقاليد فاسية، وبطبيعة الحال لا تخلو من كونها تقاليد يهودية. بحي الملاح بالرباط، تربيت وسط أسرة ميسورة، وفي بيت مكون من طابقين يضم عائلة أعمامنا وأقاربنا لكنهم ليسوا على نفس المستوى المعيشي.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020