تنوعت ألعاب المغاربة، خلال العصر الوسيط وحتى مطلع الفترة الحديثة، بين العجائبي و”الحلايقي”، ومنهم من أتقن اللعب مع الحيات والقردة…
مارس الإنسان اللعب، منذ أزمنة غابرة، كظاهرة فطرية طبيعية لازمته في جميع الحضارات، فهو نشاط حر أسهم بشكل كبير في الترفيه وتحقيق المتعة، للخروج من حياة الجد إلى حياة التسلية والهزل، محملا بدلالات ورموز تعكس الموروث الحضاري والتراثي للمجتمعات. وقد تنوعت أشكال وأنماط وأساليب اللعب بين ما هو حركي جسدي، وما هو ذهني عقلي، وما هو تواصلي فكري.
تعددت ألعاب الفرجة بالمغرب، خلال المرحلة الوسيطية ومستهل الفترة الحديثة، حيث كان الناس يجلسون في الطرقات ولهم ملاعب معدة للفرجة يؤمونها في أوقات معلومة، منها ألعاب الخفة أو ما عرف بالألعاب السحرية، مثل ما أشار إليه البرزلي، في كتاب “جامع مسائل الأحكام“، عن «الذين يجلسون في الطرقات ولهم ملاعب يرون الناس أنهم يقطعون رأس الإنسان ثم يدعونه فيجيبهم حيا، ويجعلون من التراب دراهم ودنانير، ويقطعون السلسلة»، مما يتشوق إليه الناس، فينبهرون به ويرفهون عن أنفسهم بالتفرج عليه لما يتميز به اللاعبون من خفة اليد والتنسيق في الحركات، دون استحضار الجن أو ما يسمى بالقوى الخفية عبر ممارسة الشعوذة.
انتشرت ألعاب الفرجة بالمغرب، ومورست في الشوارع والأزقة. وعلى الرغم من اختلاف المصادر في تسميتها، إلا أنها أجمعت على اعتبارها من الألعاب الفردية أو الجماعية التي يستخدم فيها الشخص مهارات جسدية ولغوية لإبهار المتفرجين، بما يظهره من خدع وخفة يد لإضفاء روح الإثارة والتشويق، مع اعتماد أسلوب المرونة والدقة المتناهية في اختيار الأزياء والدعامات المناسبة للفت انتباه الجمهور، وكانت أغلب هذه الألعاب مصدر دخل يتعش به من يمارسها.
مهدية مستقري
تتمة المقال تجدونها في العدد 88 من مجلتكم «زمان»