حفل التاريخ المغربي، على امتداد العصور، بجملة من الأحداث البارزة التي حصلت خلال شهر رمضان الذي له رمزية كبيرة وقدسية بالغة في المخيال العام للمغاربة وتنوعت بين الحروب الجهادية، بيعات ملوك، اقتتال داخلي، بناء مساجد وغيرها. فما هي دلالات هذه الوقائع؟ وكيف استغلها حكام المغرب لتعزيز شرعيتهم؟ المؤرخ المغربي إبراهيم القادري بوتشيش يجيب عن هذه الأسئلة ويقدم قراءة تاريخية لهذه الأحداث.
ما هي طييعة الأحداث التي حصلت خلال شهر رمضان داخل الفضاء المغربي والتي يمكنك جردها كمؤرخ؟
من خلال رصد المادة التاريخية القليلة المتاحة، يمكن استقراء مشهدين في تاريخ المجتمع المغربي خلال شهر رمضان: مشهد الجبهة الساخنة التي تجسدها الأحداث والحملات العسكرية، والتي تطلق عليها المصادر مصطلح “الجهاد”، ثم مشهد الجبهة الباردة التي يمكن استجلاؤها -ولو بصعوبة- إذا قرأنا التاريخ المغربي من الأسفل، حيث توحي النصوص بوجود مجتمع هادئ، يعيش طقوس شهر رمضان، ويمارس احتفالاته عاداته وتقاليده المنقولة تاريخيا.
لا شك أن بعض الأحداث التي حصلت في شهر رمضان لم تكن صدفة، بل كانت عمدا، من قبيل حرص بعد الملوك المغاربة على خوض الجهاد في رمضان، ماذا كانت محركات الملوك المغاربة لاتخاذ هذه الخطوات بالتزامن مع شهر رمضان؟
تفصح النصوص عن مجموعة من الوقائع الجهادية التي كانت تلائم الملوك المغاربة لاستمرار شرعية حكمهم، خاصة أن جميع مواثيق البيعات كانت تشترط على الحاكم المبايع: وجوب الدفاع عن بيضة الإسلام، وحماية البلد من أي تدخل أجنبي، ولذلك استغل ملوك المغرب قدسية رمضان وما يتركه من وقع نفسي، وارتفاع المعنويات عند الجنود لتنظيم حملات جهادية شكلت أهم مفاصل تاريخ المغرب. ما يطرح على المؤرخ من مسالك مفترضة للتحليل هو ربط سؤال تنظيم الجهاد في رمضان بالمقاربة النفسية والعقائدية، حيث تشكل قدسية هذا الشهر حافزا للاستبسال والاستئساد طلبا للشهادة أو النصر. كما أن الجهاد يزيد من تلاحم علاقة الحاكم بالمحكوم، وإذابة جليد التناقضات الداخلية.
حاوره عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 67 من مجلتكم «زمان»