لعبت الدبلوماسية المغربية أدوارا مركزية في حل الأزمة اللبنانية وتوقيع ما عرف إعلاميا بـ”اتفاق الطائف” الذي أنهى اقتتالا داخليا لبنانيا استمر لحوالي 15 سنة. فكرة هذا الاتفاق، في الواقع، ولدت إبان القمة العربية التي احتضنتها مدينة الدار البيضاء سنة 1989، وبذل الملك الراحل الحسن الثاني جهودا كبيرة للتقريب بين وجهات النظر سواء خلال القمة أو لاحقا بعد تشكيل اللجنة الثلاثية التي قام باقتراحها. “زمان” تعيد فتح الحكاية المغربية لاتفاق الطائف.
قليلون هم الذين تنبأوا بأن تنتقل رياح الموجة الجديدة من الاحتجاجات التي يعرفها العالم العربي منذ سنة 2019 ضد الأنظمة السياسية الحاكمة إلى بلد بتعقيدات خاصة كلبنان، بلد تحكمه التوازنات الطائفية منذ توقيع اتفاق الطائف سنة 1989 والذي أنهى شكليا الحرب الأهلية، لكنه عزز الانقسامات الداخلية. وبغض النظر عن المآلات التي ستفضي إليها هذه الانتفاضة التي أعلنت تمردا شاملا على “الكل”، جميع مكونات الطبقة السياسية الحالية تحت شعار «كلن يعني كلن» (كلهم يعني كلهم)، فإنها تعلن نهاية ولو رمزية لذلك الاتفاق الملغوم الذي جرى توقيعه في السعودية والذي تم بموجبه تقاسم المناصب السياسية بين زعماء الطوائف المتحاربة.
ولاتفاق الطائف هذا قصة بخصوصيات مغربية، فقد ولدت فكرة هذه التفاهمات في القمة العربية الاستثنائية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في ماي من سنة 1989، والتي خصص حيز كبير منها لتدارس البحث عن حلول للمأساة اللبنانية، حيث اقترح الملك الراحل الحسن الثاني تشكيل لجنة رباعية تضم ممثلي المغرب والجزائر والسعودية وسوريا للدخول في مفاوضات ومباحثات مع مختلف الفرقاء اللبنانيين، وقد عهدت مهمة رئاسة اللجنة الثلاثية إلى الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، ومثل المغرب فيها عبد اللطيف الفيلالي.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020