يستهل الباحث ميمون أم العيد كتابه عن «أوراق بوكافر السرية» بضرورة التعاطي مع التاريخ من دون عقد. نحن أبناء اليوم، يقول، وليردف: «فرنسا ليست عدوا لنا الآن، لكل جيل عدو ومعركته الخاصة التي عليه أن يخوضها بكل صدق. بات لنا أعداء آخرون يمكن مواجهتهم دون بارود ودون إراقة دماء».
يؤشّر هذا النص الذي يُقدّم لكتاب حول آخر معركة من معارك المقاومة، بوكافر، إلى تغير في خطاب الحركة الأمازيغية، وانتقالها من طور الخطاب الهوياتي إلى خطاب الصيرورة (De l’identitaire au devenir)، وتحولها من الثقافي إلى السياسي. الناس لا تعود إلى التاريخ إلا لأن قضايا الحاضر تقض مضجعها، فتستلهمه وتعيد قراءته وتزيح الغبار عنه، مثلما يقول ماركس في 18 برومير، وذلك من أجل تصور جديد للمستقبل. الأمم تصوغ مستقبلها، ولكنها لا تصوغه من عدم، تسكنها «كوابيس» سابقيها. قد تعوقها عن العمل، وتضطر إلى أن تخلّصها من شوائب الإيديولوجية، والنظرة الأسطورية، لكي تصبح حافزا للسير قُدُما وللفعل. وهو ما يفسر هذا الزخم في فتح صفحات مجهولة أو مغمورة من التاريخ الحديث للمغرب، مثل معركة تافيلالت لسنة 1916، واستعمال الغازات السامة في الريف وجبالة، ومعركة تازيزاوت لسنة 1933، وإماطة اللثام عن جوانب مطمورة، كما في انتفاضة تافيلالت غداة الاستقلال، وبعث قيادات كان لها وعي سياسي أمثال محمد سلام في الريف، أو موحى أوهيرا في انتفاضة تافيلالت أو عباس المساعدي.
هذا التغيير في الطرح هو الذي أشار إليه الباحث محمد بودهان بضرورة تجاوز النصوص المؤسسة للحركة الثقافية الأمازيغية من ميثاق أكادير إلى البيان الأمازيغي، وهو الأمر الذي يؤشر على تغير في الخطاب والطرح وأدوات العمل.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 15 من مجلتكم «زمان»