لم تكن زراعة الكيف دائما ممنوعة في المغرب .على مدى عقود حاول المخزن تقنين هذه الزراعة لتحقيق مكاسب سياسية في علاقته بسكان الريف ومكاسب اقتصادية من خلال احتكار تجارة هذه المادة، غير أن الأوربيين أجهضوا هذه المحاولات ليتولوا احتكار تجارة التبغ والكيف بدل المخزن، ثم انقلبت المعادلة كلية بعد اكتشاف الحشيش.
في دجنبر الماضي، تقدم 11 برلمانيا باسم الفريق النيابي لحزب الاستقلال بمقترح قانون يتعلق بـ”زراعة وتصنيع وتسويق عشبة الكيف”. كانت تلك المبادرة البرلمانية سابقة من نوعها حيث لأول مرة يطرح، بشكل رسمي، مطلب تقنين زراعة الكيف منذ منعه من طرف المستعمر الفرنسي سنة 1954. تطور قد يكون مهما في تاريخ زراعة جعلتها ظروف البلاد طيلة القرنين الماضيين، خاضعة للتوازنات الأمنية وحسابات العلاقات مع أوربا. ذلك أن تاريخ زراعة الكيف في المغرب يمكن أن يختزل، في حد ذاته، تاريخ العلاقة بين المخزن والسكان وأوربا.
على مدى عقود ارتبط التقنين والمنع بهاجس التحكم في سكان الريف، معقل هذه الزراعة، والخضوع لضغوطات الأوربيين ومصالح شركاتهم التجارية، ثم التحكم في الثروة التي صار يخلقها الكيف في فترات لاحقة. في هذا السياق تطورت، منذ الاستقلال، وضعية خاصة ما بين التفعيل العملي للمنع والتقنين الصريح لزراعة الكيف. “يبدو الريف اليوم بالنسبة للمراقبين، وكأنه منطقة خارج القانون، تخضع لمراقبة السلطات، أشبه ما تكون بإمارة محكومة بقوانينها وعقليتها الخاصة. إن الوضعية الحالية هي نتيجة لسياسة مخزنية تتمثل في عدم التحرك إلا عندما تكون سلطته معرضة للتهديد”، كما يقول خالد مونا في دراسته “بلاد الكيف، الاقتصاد والسلطة في كتامة بالريف”.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 4 من مجلتكم «زمان»