كانت الحمامات في المغرب، دائما، مكانا للتنشئة الاجتماعية بامتياز، وأيضا مقرا لمعتقدات راسخة وطقوس خاصة.
تطور تاريخ الحمام، أو ما يعرف باسم “الحمام الموريسكي” نسبة إلى الأندلس، مع انتشار الإسلام في المغارب والشرق الأوسط بفضل الإمبراطورية العثمانية، لكن أصوله ترجع جذورها إلى الحمامات الرومانية واليونانية. خلال العصور القديمة ومنذ أكثر من أربعة آلاف عام، بنى الرومان أقدم الحمامات العامة الكبيرة في وسط المدينة، فيما فضل العرب بناء العديد منها بحجم أصغر وبشكل منتشر في جميع أنحائها. لم تبدأ طقوس الحمام في التطور حتى بداية القرن السابع الميلادي، عندما جربها الرسول محمد، واقتنع أن حرارة الحمام تزيد من الخصوبة، وبالتالي من عدد المؤمنين. يتكون الحمام، “الذي ينشر الحرارة” أو “الماء الساخن” أو “عين الماء الحارة“، من ثلاث أو أربع غرف بدرجة حرارة مختلفة، وفقا لنفس مبدأ الحمامات الرومانية التي اكتشفها العرب خلال الفتوحات في سوريا أوائل القرن السابع الميلادي، والتي أعجبوا كثيرا بطقوسها، خاصة أنهم حتى ذلك الحين، كانوا يغتسلون فقط بالماء البارد.
كما هو الحال في الحمامات الرومانية، يمر المستحم عبر سلسلة من الغرف، لكن أهميتها تختلف عن بعضها. في الحمام، “التيبيداريوم الروماني” أو الغرفة الدافئة يصبح مجرد ممر بسيط من غرفة خلع الملابس إلى “الحرارة” أو الغرفة الساخنة حيث يمكن القيام بتدليك مطول، بعكس ما كان عليه الحال في “الكالداريوم الروماني“. وفي حين أنهى الرومان حصة الاستحمام بالجلوس في مكتبة أو غرفة دراسة، في الحمام ينتهي الحال بالمستحم في الغرفة الأولى المخصصة لخلع الملابس، حيث يمكنه التمدد على أسِرة، فيما يقوم الخدم بتقديم المشروبات وتحريك المراوح.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 88 من مجلتكم «زمان»