دخلت دار بريشة والمقاطعة السابعة بالبيضاء المعروفة اختصارا بـ”الستيام” التاريخ حين حولها أعضاء بحزب الاستقلال إلى معتقلات لتعذيب الكافرين بمبادئ “الحزب العتيد”. تعذيب كان يصل إلى حد القتل.
لم يكد خبر عودة السلطان محمد بن يوسف يتأكد، في خريف سنة 1955، حتى لاحت في الأفق ملامح معركة حامية الوطيس بين شركاء النضال من أجل دحر المستعمر. فشرعية النضال السياسي تقابلت مع شرعية الكفاح المسلح، وداخل الشرعيتين جرى اصطفاف حاد، وسعي لتملك الشرعية واحتكارها. فحزب الاستقلال رأى في منافسيه السياسيين، خاصة من الشوريين منذ حفل استقبال السلطان، والسهر على تنظيم وحراسة الموكب، ندا مزعجا ينبغي التخلص منه. ورأى أحقيته في احتكار التحدث باسم الوطنية، لتعزيز قوته التفاوضية، في علاقته بالقصر، لتدبير مرحلة ما بعد إلغاء معاهدة الحماية. لذلك بادر إلى تخوينهم، وإلصاق مختلف التهم بهم. ونهج أسلوب الاعتقال والاحتجاز والتعذيب في أماكن سرية. قبل عرض البعض منهم على المحاكمات، وإحالتهم على بعض السجون خاصة بالدار البيضاء والقنيطرة. ولم تسلم البوادي من هذه المواجهات وتصفية الحسابات، كما حصل في سوق أربعاء الغرب في يناير سنة 1956، عندما أزهقت أرواح وسالت دماء، نتيجة الهجوم الذي تعرض له الشوريون، أثناء أجواء احتفالية لاستقبال عامل المنطقة. وعلى مستوى الصراع بين حملة السلاح في وجه المستعمر بالأمس، لم تتأخر شرارة المواجهة بين أعضاء المنظمة السرية ومنظمة الهلال الأسود وغيرها من التنظيمات المسلحة الأخرى، بما فيها معركة التصفيات والاغتيالات التي أودت بحياة رموز وطنية كبيرة، سواء من قادة المقاومة أو جيش التحرير.
وقد برز في هذه الفترة اسم معتقلين للاحتجاز والتعذيب، وشما ذاكرة عدد مهم من الوطنين المغاربة، الذين عانوا من ظلم ذوي القربى وزنازينهم، يتعلق الأمر بكل من المقاطعة السابعة بالدار البيضاء ودار بريشة بتطوان.
الطيب بياض
تتمة المقال تجدونها في العدد 14 من مجلتكم «زمان»