أنشأت القبائل المغربية مؤسسة “الزطاطة” لتأمين تنقل وسفر الأفراد والجماعات وحمايتهم من اللصوص وقطاع الطرق، غير أن تلك المؤسسة ضمت أيضا مجرمين ومبتزين.
تعود أولى العلامات الدالة على وجود مؤسسة “الزطاطة” إلى كتابات الأنثروبولوجي البريطاني دافيد هارت، الذي أنجز بحثا ميدانيا نشر سنة 1956 تناول فيه قبائل أيت ورياغل الريفية. وتعرض الباحث في أحد الفصول إلى هذه المؤسسة التي عرفها تاريخ المغرب في عدد من المناطق وصولا إلى المرحلة الاستعمارية. وحسب ما جاء في تعريف دافيد هارت، فإن المعنى هو ما يؤديه المسافر لمن يحميه في الطرق غير الآمنة التي ينتشر فيها اللصوص وقطاع الطرق. لكن معناها تطور لاحقا ليصبح دالا أيضا على الرشوة التي تمنح للقاضي لإصدار حكم لصالح طرف معين. وأطلق عبد الأحد السبتي صفة المؤسسة على “الزطاطة” لأنها تمثل شبكة من الأعراف المنظمة للعلاقات بين مجموعات من الناس.
عموما يمكن تعريف “الزطاطة” على أنها عرف يهم العلاقات بين الأفراد وكذلك الجماعات، ينتمي إلى شبكة الأعراف التي كانت تعم المجال المغربي حتى حدود المرحلة الاستعمارية المعاصرة. وإن كانت الأجيال الحالية تجهل الدلالة التاريخية لمصطلح “الزطاطة”، والذي بدأ يدخل طي النسيان، فإننا نجد في العامية الزعرية وغيرها فعل “زطط”، وهو مستعمل بكثرة، بمعنى القدرة على إيجاد مخرج في ظروف صعبة.
وأصل كلمة “زطاط” من الأمازيغية، فـ”زط” فعل معناه نسج و”أزطا” معناها الثوب، ويقال بالأمازيغية “أزطاط” بمعنى “الزطاط”. ويقوال أيضا بالعامية “زطط” (فعل)، و”زطاط” (اسم المبالغة)، و”تزطيط” (اسم تفعيل)، و”زطاطة” (اسم حرفة)، وتعني الكلمة الأخيرة في آن واحد عملية الخفر والمقابل المؤدى للخدمة.
عماد استيتو
تتمة المقال تجدونها في العدد 49 من مجلتكم «زمان»