ارتبط تأسيس أمن عصري بالأطماع الاستعمارية في المغرب، ابتداء من مشروع شرطة الموانئ وصولا إلى إدارة عامة للأمن. فكيف ولد البوليس العصري؟ وكيف تطور؟
عندما بدأ المغرب يسترجع استقلاله، منذ 1956، بات يتوفر على إدارة للأمن الوطني تتميز، لأول مرة في تاريخ البلاد، بتنظيم مركزي يوحد مختلف مناطق البلاد. كما ورث منظومة قضائية تتكون من قانون جنائي، وقانون للمسطرة الجنائية، ومحاكم وسجون. فكيف حصلت هذه القطيعة بين الأشكال التقليدية لتنظيم وحفظ الأمن وهذا النظام الحديث؟ ولماذا وضعت القوى الأوربية، وفرنسا خصوصا، هذا الإصلاح على رأس جدول أعمال برنامجها للسيطرة على المغرب؟
تأمين المقاولة الاستعمارية
من نافل القول إن التوسع الاستعماري الذي بلغ مداه في القرن 19 وبداية القرن 20 لم يكن، في عمقه، سوى توسع للمقاولة الصناعية والتجارية الناجحة في أوربا الغربية، في نطاق سباق محموم للسيطرة على منابع الثروات الطبيعية واحتكار الأسواق الاستهلاكية. في هذا السياق، أضحى المغرب محاصرا بالأطماع الاستعمارية منذ سقوط الجزائر في 1830. على امتداد العقود الفاصلة بين هذا الحدث وفرض الحماية في 1912، ظلت القوى الأوربية المتنافسة على إخضاعه تحاول انتزاع ما أمكن من هذه “الجنة الرائعة للمقاولات”، كما كان يصفها أوجين إيتيان، رئيس اللوبي الاستعماري الفرنسي “هيأة المغرب”. بطبيعة الحال يحتاج أولئك المستثمرون، المتكتلون في تجمعات بنكية ضخمة، إلى ضمان الشروط الأساسية لتأمين مغامرتهم المغربية هاته، وعلى رأس هذه الشروط وجود شرطة تؤمن السوق المغربي في مختلف مفاصله.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة الملف تجدونها في العدد 49 من مجلتكم «زمان»