“الرحلة العبدرية” هي ذلك النوع من الكتب التي تخلد صاحبها دفعة واحدة في سجلات التاريخ. فقد اقتنع الناس بالعبدري عالما فقيها أديبا شاعرا من خلال كتابه الوحيد، رحلته، ودون أن يعرفوا شيئا عن حياته، ولا حتى تاريخ ميلاده أو وفاته.
تنتصب رحلة أبي عبد لله محمد العبدري، المسماة «الرحلة المغربية»، ضمن أهم وأشهر الرحلات التي انطلقت من الغرب الإسلامي نحو بلاد الحجاز. وربما لا تفوقها انتشارا وتداولا بين الناس سوى رحلتي ابن بطوطة وابن جبير الأندلسي. يقول عنها محققها محمد الفاسي، سنة 1968: «وقد كثر النقل عنها ووقع عليها إقبال لا نعهد مثله بالنسبة للكتب الموضوعة في هذا الفن، حتى إن عدد المخطوطات الموجودة منها بالخزانات العامة والخاصة تفوق العشرين نسخة، وقد تنبه إلى قيمتها العلمية والأدبية علماء الاستشراق منذ أكثر من قرن فأكثروا كذلك النقل عنها واستغلال المعلومات التي تحتوي عليها في دراساتهم وأبحاثهم، ونوهوا بها في مؤلفاتهم عن تاريخ الأدب العربي وترجموا فصولا منها».
كان المستشرق الفرنسي فانسان أول من انتبه إلى رحلة العبدري، فأشاد بها في مقال مقتضب من أربع صفحات نشره في «الجريدة الأسيوية» سنة 1845. وبعد تسع سنوات، حدا حدوه زميله المستشرق أ. شيربونو في مقال أكثر تفصيلا، من 33 صفحة، نشره في المجلة ذاتها، بعنوان «ملاحظات ومقتطفات من رحلة العبدري»، ختمه بالتنويه الشديد بالرحلة وصاحبها، كما ترجم بعضا من فصولها. وسار على النهج ذاته من جاء من المستشرقين المتأخرين، أمثال ماري، وموتيلانسكي ورينو، وكاسيري، وبروكلمان.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 19 من مجلتكم «زمان»