حاولت سلطات الحماية الفرنسية طمس تاريخ القنيطرة، والدفع بأنها هي من أنشأت المدينة، غير أنها لم تدرك أن أهلها سيحيون ماضيهم الجهادي والإسهام في المقاومة لطرد المستعمر.
شهد المجال الحضري بالمغرب، خلال الحماية الفرنسية، تغيرات وتبدلات مست بالأساس المدن التي جعلها قدرها تدخل ضمن حيز المغرب النافع. وفي هذا الصدد، بُذلت جهود كبيرة لإقامة مدن ومراكز حضرية تستجيب لما كانت الإدارة الاستعمارية ترغب فيه، لكن ما يثير الانتباه هو أن هذه الإدارة وضعت تواريخ أو أسماء تحمل رمزية خاصة، ابتغاء تخليد أحداث أو شخصيات لها اعتبارها، دون مراعاة لما كان موجودا قبل هذه الفترة، وهذا ما حصل مع مدينة القنيطرة التي يؤرخ ميلادها بـ15 غشت 1912. ففي هذا اليوم، عُرضت على المقيم العام الفرنسي هوبير ليوطي تقارير اللجن المكلفة بدراسة إمكانية اتخاذ موقع هذه المدينة كميناء عسكري، عوض مرفأ المهدية فصادق عليها، وكأنه بذلك دشن وجود القنيطرة كمدينة من العدم، وقد كرست هذا الطرح أغلب الدراسات التي اهتمت بهذه المدينة، التي أريد لها أن تكون وليدة فترة الحماية الفرنسية، وكأن الموقع الذي أنشئت عليه لم يعرف استقرارا بشريا سابقا.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 85 من مجلتكم «زمان»