إن كان الجلادون قد جعلوا من السجن فضاء لإخراس الأصوات الصادحة بالحق، فإن ضحاياهم جعلوا منه أفقا للإبداع وللتحليق الحر.
من الصعوبة اليوم تصنيف كل ما صدر من كتابات عن تجربتي الاعتقال والسجن في المغرب، في خانة ما يسمى بـ”أدب السجون”، بالنظر إلى أن التراكم السردي الذي تحقق حول تجربتي الاعتقال والسجن، في تعدد أجناسه وأشكاله التعبيرية وتجاربه الإنسانية، لا يمكن إدراجه كليا ضمن إطار أدبي صرف، اعتبارا، أولا، للتفاوت الحاصل بين مجموع النصوص السردية السجنية الصادرة، على مستوى القيمة الفنية والجمالية، وثانيا لكون مجموعة ممن كتبوا عن تجاربهم مع الاعتقال والسجن، لا ينتمون، بالضرورة، إلى عشيرة الكتاب والأدباء، إذ عرف بعضهم بما كتبه فقط عن تجربته مع الاعتقال أو السجن، وإن توفر، مع ذلك، نوع من الحس الأدبي والفني في بعض نصوص هؤلاء، وخصوصا لدى بعض المعتقلين العسكريين. هكذا، إذا، يصبح من المناسب، هنا، الحديث عن “كتابات السجن” في المغرب، بالمفهوم العام والواسع للفظ، بدل “أدب السجون”، وهو ما قد يضفي على مجموع التراكم الذي حققته هذه الكتابات السجنية إلى حد الآن، طابعا تداوليا متنوعا، في أبعاده وتمظهراته المختلفة، سواء بالنظر إلى كون بعض نصوصها يندرج في خانة ما هو أدب وسرد، أو باعتبار أن معظم الكتابات تندرج في مجال الشهادة والتذكر والبوح وكتابة النصوص المشرعة على كل ما هو إنساني بالدرجة الأولى.
عبد الرحيم العلام
تتمة المقال تجدونها في العدد 56 من مجلتكم «زمان»