اشتهر بقسوته حتى أن أبناءه لم يسلموا من بطشه، غير أن هذا الحزم هو الذي جعل المولى إسماعيل يحكم لنصف قرن ويؤسس فعليا دولة العلويين.
كان المغرب في الأيام الأولى للدولة العلوية، مقسما إلى سبعة مغارب: بقايا السعديين المبعثرين هنا وهناك، الدلائيون في فاس، كروم الحاج الشباني في مراكش والحوز، أبو حسون السملالي (بودميعة) في إيليغ، الخضير غيلان في بلاد الهبط (طنجة وتطوان ونواحيهما)، والرئيس أعراس في نواحي الريف، في حين كان النفوذ التركي يهدد جهات البلاد الشرقية. وينضاف إلى هذا احتلال عدد من الثغور المغربية، من قبل الفرنسيين والإنجليز والإسبان.
وكانت أخطر مهمة قام بها المولى إسماعيل هي أنه استطاع أن يجعل من هذه الفسيفساء كيانا موحدا، تحت راية سلطان واحد. ليأتي الدور بعدها على إعادة بناء المخزن وتأسيس جيش محترف، ثم النجاح في تحرير الثغور المحتلة وفكاك الأسرى. وأخيرا التموقع، في إطار العلاقات الدولية، على قدم المساواة مع القوى الأوربية وربط علاقات متوازنة معها. وبفضل نجاحه في الاضطلاع بهذه المهام الأربع، استطاع المولى إسماعيل أن يدون اسمه ضمن لائحة أعظم سلاطين المغرب عبر التاريخ.
بويع المولى إسماعيل بالخلافة، في الـ16 أبريل 1672، بعد وفاة أخيه المولى الرشيد. لم يكن السلطان الشاب يتجاوز الـ26 ربيعا. وما إن انتهت مراسيم البيعة، حتى كان عليه أن يعد العدة لحرب طويلة الأمد، هدفها الوحيد توحيد المغرب والقضاء على الثوار. وأورد المؤرخ أبو القاسم الزياني أنه بين سنتي 1672 و1696، أي طيلة 16 سنة، لم يقض المولى إسماعيل سنة واحدة كاملة في قصره، بل كان في ترحال دائم مع جيشه لردع الثائرين.
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 6 من مجلتكم «زمان»