دأب المغاربة، منذ عقود مبكرة، على تداول نكت وحكايات ساخرة، تتعلق بما هو سياسي أو اجتماعي. لكن بعض النكت تضمّن رسائل غايتها تنبيه السلطة الحاكمة إلى المعاناة التي تعيشها فئات واسعة من المجتمع.
تتبع الباحثون المهتمون بدراسة النكتة بجميع أشكالها ضمن دراستهم للفكاهة والضحك، فبعدما أهمل الإخباريون والتاريخ التقليدي هذا “الفعل الجماعي“، انطلق الاهتمام بدراستها أولا في حقلي الفلسفة وعلم النفس “داخل المجال الخاص بعلم الجمال“. وظل معظم الباحثين والمفكرين، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، يؤكدون على وجود تشابه بين ما هو جميل وما هو مضحك.
لكن تختلف التعريفات بخصوص مفهوم النكتة حسب وجهات نظر الفلاسفة وعلماء النفس. فالنكتة في رأي الفيلسوف الألماني كانط مثلا «هي نشاط عقلي لا يصل إلى غايته، ونوع أيضا من اللعب العقلي بالأفكار». أما لدى شوبنهاور فهي «محاولة لإثارة الضحك على نحو قصدي، من خلال إحداث التفاوت بين تصورات الناس والواقع المدرك عن طريق إبدال هذه التصورات على نحو مفاجئ». أما من منظور علم النفس، فقد عرفها سيغموند فرويد أنها «بمثابة الآلية النفسية الدفاعية التي نقوم بها لمواجهة العالم الخارجي المهدد للذات، وهي تعمل على تحويل حالة الضيق إلى حالة من الشعور الخاص بالمتعة».
إن النكتة باختصار، وفق ما حددها كتاب “الفكاهة والضحك“، هي «شيء فكاهي يقال بطريقة معينة، يشتمل على تناقضات في الأحداث، وكسر للتوقعات، من أجل إحداث التسلية، أو إثارة الضحك». وبما أن النكتة بجميع أشكالها، تنتمي إلى المجال الذي يجمع بين الفرد والجماعة، وقد تكون موجهة ضد شخص أو مجموعة أشخاص (كرجال السلطة مثلا)، فإن من بين وظائفها: «التنفيس عن مشاعر الإحباط أو اليأس التي يشعر بها الناس تجاه بعض الشخصيات، أو تجاه ظروف اقتصادية وسياسية سيئة.. أو ضد نسق من القيم والأفكار السياسية أو الدينية، أو ضد جماعات أخرى».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 117 من مجلتكم «زمان»