قبل مجيء الإسلام، عاش اليهود والمسيحيون بشمال إفريقيا جنبا إلى جنبا، وكان المغرب مسرحا لتعايشهم تارة ولتنافسهم تارة أخرى. في هذا المقال، نعرض تاريخ هاتين الطائفتين، والأسباب التي تحكمت في استمرارهما بالمغرب القديم إلى غاية ظهور العرب المسلمين.
ارتبطت طبيعة التعايش بين اليهودية والمسيحية في المغرب القديم بطبيعة الدول التي حكمت شمال إفريقيا. فقد تعاقبت على أراضيه حضارات وإمبراطوريات تداخلت وتصارعت فيما بينها كالأمازيغ والفينيقيين والقرطاجيين والرومان ثم العرب – المسلمين .لذا، سيرتبط حديثنا بأوضاعهما، وتنقل أفرادهما وفق ما أملته الحدود الجغرافية والسياسية لتلك الإمبراطوريات المتعاقبة .ولتسليط الضوء على هذا التجاور والتعايش بين الديانتين، سننظر أولا إلى حضور كل منهما بشمال إفريقيا، ثم إلى علاقتهما بالسلطة الحاكمة وبالشعوب والمجتمعات على أرض المغرب.
ما يزال تحديد تاريخ مضبوط لليهود بأرض المغرب يشوبه الاختلاف وعدم الدقة، فمنهم من يربط وجودهم بأحداث المشرق خلال القرن السادس قبل الميلاد، ويرجّح استقرارهم إلى حوالي ألفي سنة قبل الآن. ويذكر المؤرخ اليهودي حاييم الزعفراني أن اليهود يعتبرون «أول مجموعة غير بربرية وفدت على المغرب، وما تزال تعيش فيه إلى يومنا هذا». كما تتحدث الأخبار عن وجود آثار لأحجار وضعها يوآب بن صروية قائد جيش الملك داوود في أرض من بلاد المغرب الكبير، دون تحديد موقعها، «فقد زُعم أنها وضعت بجزيرة جربة (تونس) وطنجة وفاس، وفي وادي درعة أو في التخوم الصحراوية المغربية». وبناء على هذا الامتداد الضارب في القدم، يرفض يهود اليوم، كما يقول الباحث في التاريخ العبري أحمد شحلان، أن ينعتوا بـ“الجالية“ ويفضلون «أن يسموا طائفة وكفى».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 103 من مجلتكم «زمان»