أحيى إعلان الحرب العالمية الأولى ذكريات الاستفزازات المتعددة للعدو الألماني لدى الفرنسيين. وفي المغرب، قاد ليوطي حملة واسعة من القمع ضد الجالية الناطقة بالألمانية قصد الانتقام للكبرياء الفرنسي.
بعد أيام قليلة فقط من اندلاع الحرب العالمية الأولى في أوربا، في بداية غشت ،1914 شن هوبير ليوطي المقيم العام في المغرب، وبدعم كامل من باريس، “غارة“ واسعة، استهدفت عمدا الألمان والنمساويين–المجريين، اللذين تجرأ بلداهما على مهاجمة فرنسا. كما أمر ليوطي أيضا، في زخم ذلك، باعتقال بعض المواطنين السويسريين الناطقين بالألمانية، على الرغم من أن بلادهم لم تشارك في الزلزال الهائل الذي مزق أوربا في بداية القرن العشرين. سعى ليوطي، ببساطة، في إفراغ المغرب من العناصر التي يشتبه في أنها تهدد بمكائدها هدوء البلاد. كان المقيم العام صارما في هذه النقطة. إذا كان الخطر الألماني حقيقيا، كما هو الحال في أي مكان آخر مع بداية الحرب، إلا أن الفرنسيين بالغوا، عن عمد، في تصفية الحسابات القديمة مع منافسيهم الجرمانيين. هكذا وبدعم من الصحافة الفرنسية، أبدى ليوطي قساوة شديدة تجاه ألمان المغرب، الذين كانت غالبيتهم تقيم في الإمبراطورية الشريفة لعدة عقود، بل إن بعضهم وُلد فيها. كما تعرضوا لمعسكرات الاعتقال الرهيبة في الجزائر التي كانوا محتجزين فيها.
مباشرة بعد أمر التعبئة العامة في بداية غشت ،1914 أُجبر المقيم العام على إرسال الجزء الأكبر من قواته إلى فرنسا .هنا، وجد نفسه مع قوة بشرية محدودة ليحكم بلدا كبيرا، ما تزال عدد من مناطقه تعلن العصيان .إذا كان ليوطي في جنوب البلاد استعان بالمدني الݣلاوي، الأخ الأكبر للتهامي، لمواجهة التمردات القبلية في جهته، فإن الأوضاع في كل مكان آخر ظلت غير هادئة. بل إن عدم الاستقرار والعصيان العام لم يكونا بعيدي الاحتمال، مما قاد الحاكم الفرنسي للرد بعنف ضد الألمان، متهما إياهم بنسج شبكة واسعة من التجسس، وإثارة كراهية فرنسا في المغرب.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 113 من مجلتكم «زمان»