عرفت سبتة، خلال العصر الوسيط، نشاطا تجاريا مزدهرا جعلها، عن جدارة، عاصمة المغرب التجارية، قبل أن تتلقى ضربة قاضية بعد الاحتلال البرتغالي.
أكدت العديد من المصادر العربية والوثائق الأجنبية على الدور التجاري المهم الذي اضطلعت به مدينة سبتة خلال العصر الوسيط، حيث شكلت صلة وصل بين المغرب والعالم المتوسطي. وقد أهلها لهذا الدور موقعها الجغرافي المتميز الذي يطل على البوغاز من العدوة الجنوبية، إلى جانب الدعم الذي حظيت به في هذا المجال سواء من طرف السلط المحلية أو من قبل السلط المركزية التي تعاقبت على حكم المغرب. واعتبارا لهذا الدور، قيل إن «تاريخ سبتة لن يفهم دون أخذ العامل التجاري بعين الاعتبار».
أسواق وفنادق
لا يمكن لدور اقتصادي من هذا القبيل ومن هذا الحجم، إلا أن يكون مسنودا ببنية تحتية مهمة، كشفها، بالأخص، مصدر محلي لصاحبه الأنصاري الموسوم بـ”اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار”، رغم ما يشتم في الأرقام التي أوردها من مبالغة، فسرتها بعض الدراسات بأن المؤلف أراد “إظهار عظمة المدينة ليبرز مقدار خسارة المغاربة لها”، لاسيما أن تأليفه جاء بعد احتلالها من طرف البرتغاليين في 21 غشت 1415م. وإن كانت تلك المبالغة لا تبخس من الدور التجاري المهم لهذه المدينة.
يأتي في مقدمة البنية التحتية التجارية في سبتة أسواقها التي تميزت بالتخصص في نوعية السلع المعروضة، ذاع صيت بعضها مثل القيسارية (سوق بيع الثياب)، حيث كانت سبتة تستقبل المنسوجات الأجنبية، وسوق السقاطين الحسن التنظيم، تباع فيه الأواني الصفرية المتنوعة البديعة الصنعة، ثم سوق العطارين حيث تبتاع الأعشاب التي تستهلك بكثرة سواء كمادة في الطبيخ أو في التطبيب والتداوي، كما اشتهر في سبتة سوق بيع المرجان.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 67 من مجلتكم «زمان»