خضع مجتمع الواحات، خلال العصر الوسيط، لتراتبيات قامت على أسس عدة، كان فيها اليهود و”الحراطين” والعبيد في مرتبة دنيا.
يقتضي الخوض في موضوع التراتب الاجتماعي في الواحات المغربية (فـﯕيـﯔ، توات، تافيلالت، ودرعة) أواخر العصر الوسيط، ضرورة مراعاة البنى المادية للمجتمع. إلا أن الاقتصار على تحليل هذه البنى، رغم أهميتها القصوى، لا يؤدي في الغالب إلى الإلمام بكل جوانب المجتمع المدروس، خاصة إذا تعلق الأمر بمجتمعات تقليدية، من قبيل مجتمع الواحات. لذا، سنقف عند مختلف أسس التراتب الاجتماعي في الواحات خلال الحقبة المعنية بالدراسة وكذا مظاهرها، مستحضرين أننا بصدد مجتمع ذو بنيات بطيئة التطور، تسمح بالحديث عن عصر وسيط ممتد.
أسس التراتب الاجتماعي في الواحات
يمكن تقسيم أسس التراتب الاجتماعي في الواحات المغربية خلال العصر الوسيط إلى أسس مادية، ونسبية، ونسبية عرقية، ودينية. تمثلت الأسس المادية في ملكية وسائل الإنتاج من مياه ونخيل وأرض زراعية، مع وجود اختلافات بالنسبة لهذه الأخيرة من واحة لأخرى. فإذا كانت عديمة الأهمية في توات، لضيق مساحتها، وعدم وجود فوارق كبيرة بين المالكين لها. فإنها على العكس من ذلك، عدت من وسائل الإنتاج الأساسية في كل من فـﯖيك، ودرعة، وتأسست عليها فوارق اجتماعية رغم صغر مساحتها. من الصعب فهم الأساس المادي للتراتب الاجتماعي في الواحات دون الوقوف على أهم معطى اقتصادي لهذا المجتمع، فقد كان مجتمعا زراعيا رغم أن الواحات جمع بينها مناخ جاف متشابه الخصائص مطبوع بقلة التساقطات، وشدة الحر والقيظ، والرياح والزوابع الغبارية، وكلها عناصر كانت تسهم في انحسار المساحات المزروعة في رقعة ضيقة، حدد وجودها وقيمتها توفر مصادر الري والسماد. لذلك، كان اقتصاد المنطقة اقتصاد قلة وكفاف، أسهم في تكريسه وقوع الواحات في مجال شكل فضاء مفضلا لتنقلات الرحل، مع ما رافق تحركاتهم من تخريب متواصل، لاسيما في فترات ضعف السلطة المركزية.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 52 من مجلتكم «زمان»