بدا عادل العثماني، صبيحة ذلك اليوم الربيعي قرب محطة القطار بمراكش، حليق الوجه بشعر طويل (باروكة في الواقع)، يحمل على كتفه قيتارا وحقيبة ظهر، ويرتدي سروالا فضفاضا كمثل كل الشباب الذين يتبعون آخر صيحات الموضة. كما بدا مرتاحا وهو يصعد إلى الطابق الأول لمقهى “أركانة” الشهيرة، والأكثر ارتيادا من طرف السياح، مغاربة وأجانب. كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهرا من يوم 28 أبريل 2011. طلب عادل كأس عصير برتقال كزبون محترم وسط السياح، الذين قد يكون بعضهم أو أحدهم، على الأقل، قد ابتسم في وجهه للتعبير عن إعجابه مما يقع في ساحة جامع الفنا.
شرب عادل عصيره، ثم حمل هاتفه كأنه يريد أن يتصل بأحد ما، وطلب من النادل إن كان من الممكن ترك القيتار وحقيبة الظهر حتى يعود. رد النادل بالإيجاب. من يمكن أن يشك في شخص يعزف على قيتار؟ لكن النادل لم يدرك أن الأشرار قد يختفون وراء الأقنعة الأكثر جمالا. فبعد دقائق معدودة، فجر العثماني، عبر هاتفه المحمول، الحقيبة التي كانت محملة بـ15 كيلوغرام من المتفجرات، الملقمة بالمسامير والزجاج المكسور، لإسقاط أكبر عدد من الضحايا. خلف ما أصبح يُعرف، إعلاميا، بـ”تفجير أركانة” 17 قتيلا، أغلبهم فرنسيون. كان الحادث أكثر دموية من تفجيرات 16 ماي 2003 في الدار البيضاء.
عاد العثماني، في اليوم نفسه، إلى مسقط رأسه آسفي. ربما كان مزهوا بـ”بطولة قتل أبرياء”، وربما اعتقد أن الباروكة فعلت فعلتها في مساعدته على التخفي والتمويه. لكن “زهْوه” لم يدم أكثر من بضعة أيام، إذ انتهت تحريات سريعة إلى اعتقاله، ثم الحكم عليه بالإعدام.
أمام المحققين، أقر بأنه توصل، لوحده، إلى صنع “قنبلته” بفضل الإبحار في عالم الأنترنت. كان العثماني يعتقد أنه سيقتل “بهجة” مراكش. لكن البهجة ظلت باقية، بينما هو حكم على نفسه بأن يقضي بقية حياته بين جدران زنزانة باردة.
أي نتيجة
View All Result